/
/
التجويع في غزة: إسقاطات استعراضية في الجو… والطحين بسعر الذهب على الأرض!

التجويع في غزة: إسقاطات استعراضية في الجو… والطحين بسعر الذهب على الأرض!

داخل القطاع، ترتفع الأسعار كل لحظة. فكيلو السكر قد يُباع بـ100 شيكل في الظهيرة، ويقفز إلى 250 شيكل في المساء. ويتراوح سعر كيلو الطحين بين 50 و180 شيكل، أما البطاطا والثوم والدجاج، فقد أصبحت من الكماليات، إذ يبلغ سعر كيلو البطاطا 25 شيكل للكيلو، و كيلو الثوم 100 شيكل، وكيلو الدجاج 250 شيكل. وخلف هذه الأسعار شبكات تتربّح من جوع السكان بدعم إسرائيلي.
أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
1024px Displaced Palestinians gather to receive food from a charity in Deir el Balah Gaza Strip
أطفال جياع في غزة، الصورة: ويكيميديا

في وقت تنتشر فيه صور الأطفال الجياع في غزة على شاشات العالم، يُدار المشهد الإنساني داخل القطاع المحاصر بمنطق السوق السوداء والوساطة والابتزاز، حيث تُباع شحنات المساعدات الدولية علنًا في الأسواق، فيما يضطر الفلسطينيون إلى شراء كيلو السكر بـ250 شيكل والطحين بـ180 شيكل.

رغم المحاولات الإسرائيلية لتجميل صورتها أمام الرأي العام الدولي بإسقاطات جوية “بهلوانية” للمواد الغذائية، والتي لا تكفي فعليًا لسد رمق حي واحد في غزة، حيث إنّ كل طائرة شحن تابعة للجيش الإسرائيلي قادرة على نقل كمية من البضائع تعادل فقط ما تنقله شاحنة كبيرة واحدة، عاد النظام القديم القائم على التنسيق إلى الواجهة. حيث يدفع تجار غزيون مئات آلاف الشواكل للحصول على إذن بإدخال شاحنة واحدة محمّلة بالغذاء، وذلك عبر وسطاء وموظفين محليين مرتبطين بمنظمات دولية.

تاجر إسرائيلي يعمل في هذا المجال رفض الكشف عن اسمه، صرّح لصحيفة ذاماركر: “مديرو المنظمات الدولية قد لا يبيعون التنسيقات مباشرة، لكن الموظفين المحليين يفعلون. على سبيل المثال، يتمّ طلب 20 شاحنة باسم منظمة المطبخ المركزي العالمي، لكن ثلاث أو أربع منها تُباع للتجار. هؤلاء يُفرغون البضائع في السوق، ويبيعونها للمواطنين الجائعين بأسعار جنونية”.

وفي وقت يموت في الناس من الجوع، تخلص الجيش الإسرائيلي من كميات ضخمة من الطحين المخصّص للإغاثة في مكب نفايات قرب بئر السبع بعدما رفضت منظمات أممية أن تكون الشركة الأمريكية التي تعرف باسم “مؤسسة غزة الإنسانية” مسؤولة عن توزيعه، إثر اتهامات لها بعرقلة توزيع المساعدات، وتعمّد القيام بممارسات غير إنسانية بحقّ المجوّعين المنتظرين للمساعدات.

داخل القطاع، ترتفع الأسعار كل لحظة. فكيلو السكر قد يُباع بـ100 شيكل في الظهيرة، ويقفز إلى 250 شيكل في المساء. ويتراوح سعر كيلو الطحين بين 50 و180 شيكل، في حين أن سعره الرسمي في إسرائيل لا يتعدى 3.4 شيكل. أما البطاطا والثوم والدجاج، فقد أصبحت من الكماليات، إذ يبلغ سعر كيلو البطاطا 25 شيكل، وكيلو الثوم 100 شيكل، وكيلو الدجاج 250 شيكل. وفي ظل هذه الأسعار، لا يبدو غريبًا أن إدخال شاحنة محملة بأطنان من الدجاج يمكن أن يدرّ ربحًا صافيًا يتجاوز 6 ملايين شيكل عن الشاحنة الواحدة، بحسب التاجر الإسرائيلي.

تمنح إسرائيل التصاريح الرسمية لإدخال الغذاء للمنظمات الدولية فقط، لكنها لا تهتم بكيفية إدارة تلك الشحنات على الأرض. وفي الواقع، من يسيطر فعليًا على التوزيع داخل القطاع هم مقاولون محليون يحوّلون عملية إدخال المساعدات إلى مشاريع ربحية ضخمة. يقول التاجر ذاته: “لا يمكن إنكار أن من هم في موقع القرار داخل هذه المؤسسات يجنون أرباحًا هائلة من بيع التنسيقات. هذا نموذج عمل كامل، وليس مجرد فساد فردي”.

وفي الوقت الذي كان يُفترض أن تكون عملية توزيع الطعام خاضعة كليًا للمؤسسات الإغاثية وفق احتياجات الأسر الأكثر تضررًا، تحوّلت غزة إلى سوق مفتوحة للتربّح رغم معاناة السكان، وهي سياسة تؤكد العديد من المصادر أن إسرائيل، المسؤولة الأولى عن التجويع، تتعمّد تنفيذها في القطاع من خلال منح صلاحيات التحكم بالمساعدات لأطراف محددة، حتّى تستمر في مسعاها في توظيف التجويع كجزء من الإبادة الجماعية ومشاريع التهجير، وفي الوقت ذاته تدّعي أمام الرأي العام الدولي الحانق بأنّها تدخل المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وبأنّ التجويع ليس مسؤوليتها، بل مسؤولية التجار المحليين والمنظمات الدولية.

مقالات ذات صلة: التجويع سلاحًا: أطنان من الأغذية والأدوية تفسد تحت شمس سيناء

مقالات مختارة