
يشهد الشحن الجوي إلى البلاد أزمة منذ انتهاء القتال الأخير مع إيران، إذ ما زال حجم الاستيراد عبر الطيران يعمل بقدرة تقل عن المستوى المعتاد، ويُقدّر أن النشاط لا يتجاوز حاليًا 60% فقط مقارنة بفترات العمل الطبيعية. ضعف نشاط الشحن لم يقتصر فقط على فترة القتال التي استمرت 12 يومًا وأغلقت خلالها الأجواء الإسرائيلية بشكل شبه كامل، بل امتد أيضًا إلى فترة ما بعد إعادة فتح المجال الجوي، إذ ما زالت شركات الشحن تواجه صعوبة في تغطية الفجوة التي خلّفها هذا الإغلاق الطويل.
هناك سببان رئيسيان وراء استمرار هذه الفجوة بحسب صحيفة ذاماركر. السبب الأول أن شركات الشحن الجوي ما تزال تحاول التعامل مع التكدس الضخم الذي تراكم خلال فترة إغلاق الأجواء، حيث توقفت خلالها معظم الرحلات الجوية تقريبًا، الأمر الذي أعاق دخول البضائع والسلع إلى البلاد. أما السبب الثاني فيكمن في انخفاض عدد طائرات الركاب التي تسهم عادة في نقل جزء كبير من الشحنات في مقصورات الشحن أسفل الطائرة، إذ إن جزءًا كبيرًا من الطائرات ما زال خارج الخدمة أو يعمل بطاقة محدودة، ما يفاقم العجز بين الكميات المطلوبة والطاقة المتاحة.
وفقًا لتقديرات خبراء في قطاع الطيران، من المتوقع أن يستمر هذا النقص لمدّة تتراوح بين ثلاثة أسابيع وحتى شهر كامل قبل أن يُعاد التوازن بين الطلب على الشحن الجوي وبين القدرة الفعلية للشركات على تلبية هذا الطلب، خصوصًا وأن 11 شركة طيران أجنبية فقط استأنفت نشاطها في البلاد. هذه التأخيرات يشعر بها الكثير من المستهلكين الذين يلاحظون بطء وصول الطرود والبضائع التي طلبوها عبر الإنترنت أو عبر شركات الشحن.
وأوضح مدير عام شركة DHL إكسبرس في إسرائيل في حديثه مع ذاماركر أن الوضع غير مسبوق منذ تأسيس الدولة. ففي الأوقات العادية، تشهد إسرائيل حوالي 200 رحلة جوية يوميًا، منها حوالي 10 رحلات شحن فقط، والباقي رحلات ركاب تحمل أيضًا كميات كبيرة من البضائع. خلال فترة القتال أُلغيت تقريبًا جميع رحلات الركاب، ولم يتبق سوى رحلتين مخصصتين للشحن يوميًا، ومعظم هذه الرحلات كانت مخصّصة للاحتياجات الأمنية والصحية الملحّة بطلب من الدولة، ما أدى إلى توقف إدخال مئات الأطنان من الشحنات وتكدّسها، مسببًا ضغطًا كبيرًا على جميع شركات الشحن.
بعد انتهاء فترة الإغلاق وإعادة فتح الأجواء، بدأت بعض الشركات بالعودة للعمل تدريجيًا. فعلى سبيل المثال، نجحت شركة DHL في الأيام الأولى بعد إعادة فتح المجال الجوي في إدخال سبع طائرات كبيرة من طراز إيرباص 330، ما ساعد على تسريع تفريغ الشحنات العالقة وإعادة فتح باب الاستلام من الزبائن. لكن هذا الحل لم يكن كافيًا لجميع الشركات، إذ لم تتمكن شركات شحن أخرى من تجاوز العجز بسرعة، وما تزال تحاول حتى اليوم تصريف البضائع المتراكمة.
وفي حين يرى بعض العاملين في قطاع الطيران أن الازدحام بدأ بالتراجع وأن الوضع في بعض الشركات عاد إلى مستويات معقولة من الطلب مقابل العرض، يشير آخرون إلى أن الأزمة ما تزال قائمة وأن شركات الطيران التي ألغت رحلاتها حتى شهر سبتمبر أو أكتوبر ستؤدي إلى تأخر وصول كميات كبيرة من البضائع، ما يجبر الكثير من الشركات على البحث عن حلول بديلة لشحن بضائعها.
مقالات ذات صلة: “المطبات الهوائية لا تتوقف منذ كورونا”: كيف واجهت المكاتب السياحية العربية أزمة جديدة خلال الحرب مع إيران؟











