عام 2024 كان عامًا صعبًا واستثنائيًا على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تركت الحرب المستمرة منذ أكثر من 15 شهرًا بصمتها على مختلف القطاعات الاقتصادية، ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أعداد الشركات التي أغلقت أبوابها. ووفقًا لتقرير نشره موقع غلوبس استنادًا إلى بيانات شركة Coface BDI، فقد أغلقت حوالي 60 ألف شركة ومشروع صغير ومتوسط هذا العام، بزيادة بنسبة 50% مقارنة بالسنوات “العادية” التي كان متوسط الإغلاق السنوي فيها حوالي 40 ألف شركة.

سياق اقتصادي مليء بالتحديات
الاقتصاد الإسرائيلي يمر بفترة عصيبة نتيجة الأزمات المتتالية. منذ جائحة كورونا، لم يتعافَ السوق بالكامل، حيث تعاقبت الأزمات بدءًا من الاحتجاجات المتعلقة بالإصلاحات القضائية وصولاً إلى الحرب الحالية. هذه التحديات أثرت على البيئة الاستثمارية، حيث انخفض عدد الشركات الجديدة التي افتُتحت هذا العام إلى حوالي 37 ألف شركة فقط، مقارنة بـ45 ألفًا في السنوات السابقة.
القطاعات الأكثر تضررًا
البيانات تشير إلى أن القطاعات الأكثر تضررًا شملت البناء والزراعة والسياحة. قطاع البناء شهد انهيارًا كبيرًا، حيث أغلقت حوالي 700 إلى 750 شركة بناء وبنية تحتية هذا العام، بزيادة تزيد عن 10% مقارنة بعام 2023. هذا القطاع واجه ارتفاعًا كبيرًا في أسعار المواد الخام، نقصًا في الأيدي العاملة، وارتفاعًا حادًا في تكاليف التمويل بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.
قطاع الزراعة أيضًا تأثر بشكل كبير بسبب القيود الأمنية على المناطق الحدودية ونقص العمالة الزراعية. في الوقت ذاته، تضرر قطاع السياحة بشكل كبير نتيجة انخفاض عدد السياح وإغلاق العديد من المواقع السياحية بسبب الوضع الأمني.
أما قطاع الخدمات، فقد تأثر بشكل ملحوظ، خصوصًا في مجالات الترفيه والمطاعم والمقاهي، إذ شهدت هذه الخدمات انخفاضًا كبيرًا في الطلب بسبب توجه المستهلكين إلى تقليص إنفاقهم على الكماليات.

القطاعات التي استفادت رغم الأزمة
على الجانب الآخر، استفادت بعض القطاعات من الأزمة. قطاع التجزئة، وخاصة السلاسل كالمتاجر الكبيرة، شهد نموًا في الطلب على المنتجات الغذائية والاستهلاكية الأساسية نتيجة انخفاض الإقبال على المطاعم. حتى المتاجر الصغيرة والمحال التجارية المحلية شهدت ارتفاعًا في المبيعات، خصوصًا تلك التي تبيع منتجات بأسعار منخفضة.
قطاع الأمن والدفاع شهد ازدهارًا واضحًا، حيث استمرت الشركات العاملة في هذا المجال في تحقيق أرباح كبيرة نظرًا للطلب المحلي والدولي المتزايد على منتجاتها.
تداعيات الأزمة على سوق العمل والشركات الصغيرة
الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل حوالي 90% من السوق الإسرائيلي، كانت الأكثر عرضة للخطر. تشير التقارير إلى أن هذه الشركات تفتقر إلى الموارد المالية الكافية للتعامل مع الأزمات الممتدة. ارتفاع تكاليف التمويل، التحديات البيروقراطية، وانخفاض الطلب كلها عوامل ساهمت في انهيار عدد كبير من هذه الشركات.
شهد العام الجاري زيادة في حالات الإفلاس وإجراءات إعادة الهيكلة المالية، خاصة في قطاعات مثل العقارات والسياحة. المحامون المتخصصون في قضايا الإفلاس أشاروا إلى أن العديد من الشركات اختارت إغلاق أبوابها دون اللجوء إلى المحاكم لتجنب التكاليف المرتفعة والإجراءات الطويلة.
مستقبل غامض لعام 2025
عام 2025 قد يكون حاسمًا في تحديد مسار الاقتصاد الإسرائيلي. الخبراء يرون أن العودة إلى الاستقرار تتطلب جهودًا حكومية كبيرة تشمل تعزيز الاستثمار المحلي، وتسهيل الإجراءات البيروقراطية، وتقديم دعم مباشر للقطاعات الأكثر تضررًا.
توقعات النمو الاقتصادي تعتمد أيضًا على تحسين المناخ الأمني والسياسي. إذا استمر الوضع الأمني الحالي في التأثير على القطاعات الإنتاجية والسياحية، فقد يستمر الركود لفترة أطول مما هو متوقع.
رغم التحديات الهائلة، تعتقد شركة Coface BDI أنّ الهجرة المتزايدة إلى إسرائيل بسبب قد تضيف إلى السوق المحلي زخمًا اقتصاديًا جديدًا. إلى جانب ذلك، تشير التوقعات إلى أن زيادة الاستثمارات في البنية التحتية والمشاريع طويلة الأمد قد تساهم في تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي على المدى البعيد.
مقالات ذات صلة: دليل المواطن الحائر إلى الزيادات في الفواتير والضرائب العام القادم











