
تمر شركة بورشه الألمانية، إحدى أكثر شركات السيارات شهرة في العالم، بعام هو الأصعب منذ تأسيسها. الشركة التي كانت تُعتبر لسنوات نموذجاً في الإدارة الفعالة والربحية القياسية، أعلنت عن خسارة غير مسبوقة تقارب المليار يورو في الربع الثالث من عام 2025، بعد أن كانت قد حققت ربحًا يقارب المليار يورو في نفس الربع من العام الماضي.
أما توقعات هامش الربح الإجمالي للسنة الجارية فانخفضت إلى 2% فقط، مقارنة بـ 14% في العام الماضي، ما يعكس التدهور الحاد في أداء الشركة. الأكثر صدمة أن أرباح بورشه خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 بلغت 40 مليون يورو فقط، مقابل 4 مليارات يورو في الفترة نفسها من العام الماضي، أي تراجع بنسبة 99%.
على مدى العقد الأخير، كانت بورشه تُعد واحدة من أكثر شركات السيارات ربحية في العالم، بفضل مزيج ناجح من السيارات الفاخرة ذات الأداء العالي، وأسعار السوق المرتفعة، وهوامش الأرباح الكبيرة، إلى جانب الطلب القوي في سوق السيارات المستعملة الذي حافظ على ارتفاع قيمة طرازاتها، خصوصاً سيارات 911 التي أصبحت تُباع أحياناً بأسعار تفوق سعرها الجديد. هذا النجاح المتواصل سمح للشركة بالتمسك بأسعار مرتفعة دون خوف من تراجع الطلب.
الشركة تدهورت في 2025
لكن الوضع تغيّر جذرياً هذا العام. مدير الشؤون المالية في الشركة، يواخيم بركنر، قال إنهم توقعوا عاماً صعباً في 2025، لكن النتائج كانت أسوأ مما تخيّله المحللون الذين قدّروا الخسائر بحوالي 600 مليون يورو فقط. بورشه، بحسب بيانها، تُحمّل المسؤولية الأولى عن الانهيار المالي للحرب التجارية بين أوروبا والولايات المتحدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بداية العام، والتي أدت إلى فرض رسوم جمركية مرتفعة على السيارات الأوروبية المصدّرة إلى السوق الأميركية. هذه الرسوم كلفت بورشه خسارة نحو 700 مليون يورو في الإيرادات، وفقاً لتصريحات بركنر.
ولم يقتصر الضرر على الرسوم الجمركية، فالتحول السريع الذي حاولت الشركة القيام به نحو السيارات الكهربائية تسبب بأزمة إضافية. فقد أوقفت بورشه إنتاج سيارة “ماكان” التي تعمل بالبنزين، وهي من أكثر طرازاتها ربحية وشعبية، وطرحت جيلاً جديداً منها يعمل فقط بالكهرباء، ما أدى إلى انهيار في المبيعات. كما تراجعت إيرادات الشركة من فئة السيارات الرياضية بعد وقف إنتاج الطرازين الصغيرين “718 بوكستر” و”كايمان”، بانتظار طرح نسخ كهربائية منهما في المستقبل.

وفي السوق الصينية، التي كانت أحد أهم محركات النمو لبورشه خلال العقد الماضي، فقدت الشركة الزخم الذي اعتادت عليه. بركنر أوضح أن الشركة لا تتوقع تحسناً قريباً في أوضاع السوق الصينية، ولذلك قررت تقليص شبكة وكلائها في الصين من 150 معرضاً حالياً إلى 80 فقط بحلول عام 2027. كما تخطط الشركة لموجة تسريحات واسعة تشمل 1,900 موظف في ألمانيا، إضافة إلى 2,000 عامل مؤقت تم إنهاء عملهم في وقت سابق من هذا العام. ومن المتوقع إعلان خطة تقشف شاملة جديدة قبل نهاية 2025.
الأزمة داخل بورشه أثارت رد فعل سريعاً في مجموعة فولكسفاغن المالكة، التي أعلنت نيتها استبدال الرئيس التنفيذي لبورشه، أوليفر بلوم، في العام المقبل. وسيخلفه ميخائيل لايتر، الذي يعود إلى بورشه بعد سنوات من العمل في شركتي فيراري وماكلارين. لايتر سيُكلَّف بإعادة توجيه دفة الشركة نحو الاستقرار، مستفيداً من خبرته في تطوير سيارات هجينة “هايبرد” عالية الأداء، بينما سيواصل بلوم منصبه كرئيس تنفيذي لمجموعة فولكسفاغن الأم.
مقالات ذات صلة: تراجع أرباح تسلا 37% بعد انتهاء الدعم الحكومي الأمريكي











