
تواجه شركة الكهرباء الإسرائيلية مأزقًا معقّدًا بعد فشل التوصل إلى اتفاق جديد لتحديث عقد شراء الغاز من حقل “تمار”، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء وحتى إلى نقص في إمدادات الغاز خلال السنوات المقبلة.
مجلس إدارة شركة تمار بتروليوم، التي تملك 16.7% من الحقل، أعلن أنه لم يوقّع على التحديث المقترح للعقد مع شركة الكهرباء، رغم أن الموعد النهائي للتوقيع كان يوم الخميس الماضي. وبسبب عدم توقيع الاتفاق الجديد، ستواصل شركة الكهرباء شراء الغاز من حقل تمار بالسعر القديم، وهو سعر أعلى مما كانت تأمل أن تدفعه بعد المفاوضات. كما لم تُعلن شركة إسرامكو، التي تملك 28.75% من الحقل، موقفها الرسمي بعد، رغم أنها أشارت في بيان سابق إلى أنها “لا ترى في هذه المرحلة فائدة من التقدم باتفاق جديد مع شركة الكهرباء”.
انتهاء المهلة القانونية دون توقيع يمنح كل طرف الحق في التوجّه إلى التحكيم الدولي لتسوية الخلاف، وهي عملية قد تستغرق نحو عام ونصف، ومن المحتمل أن تفضي إلى رفع أسعار الكهرباء. وفي حين لا يتوقع أن تبادر “تمار” إلى التحكيم، فإن القرار بيد شركة الكهرباء التي لم تعلن بعد خطوتها التالية. الخيارات المطروحة أمامها محدودة: إما التوجّه للتحكيم، أو الاستمرار بالمفاوضات، أو محاولة شراء الغاز من بعض الشركات العاملة في الحقل، لا جميعها، وهو سيناريو يكاد يكون مستحيلاً. أما استمرار المفاوضات دون اتفاق، فسيعني ضياع وقت إضافي وتأجيل تحديث الأسعار أكثر.
العقد الأصلي بين شركة الكهرباء وحقل تمار وُقّع عام 2012، وينص على أن تدفع شركة الكهرباء نحو 4.5 دولارات مقابل كل وحدة حرارية من الغاز، مع إمكانية رفع السعر أو خفضه بنسبة تصل إلى 10% بحسب أوضاع السوق. وكان من المقرر تحديث السعر في يناير 2025. وتوقعت سلطة الكهرباء أن يؤدي التحديث إلى خفض السعر بنسبة 10%، وهو ما كان سيتيح تقليل تكاليف فاتورة الكهرباء على المواطنين. لكن بعد فشل المفاوضات، انقلبت التوقعات تمامًا.
وبحسب صحيفة ذاماركر، وصلت المفاوضات التي بدأت العام الماضي في يوليو إلى مذكرة تفاهم غير ملزمة بين شركة الكهرباء وغالبية الشركاء في الحقل، لكن “تمار بتروليوم” وشركة “سوكر” رفضتا التوقيع، وفي سبتمبر أعلنت “إسرامكو” انسحابها من العملية، ما أدى إلى انهيار التفاهم. يبدو أن الشركاء في الحقل استغلوا محدودية المنافسة في سوق الغاز في البلاد لرفع الأسعار المحتملة، إذ يُعد حقل “تمار” المصدر الرئيسي لتزويد السوق المحلية، ويُستخدم الغاز لتوليد أكثر من 70% من الكهرباء في البلاد. وأي زيادة في سعر الغاز لشركة الكهرباء ستنعكس مباشرة على المواطنين.
شركة الكهرباء كانت قد افترضت في حساباتها لعام 2025 أن الشركة ستتمكن من خفض كلفة الغاز، بل وخفّضت التكلفة بنحو 1% استنادًا إلى هذا التقدير. لكن بعد فشل الاتفاق، ستضطر السلطة إلى تعويض شركة الكهرباء عن فرق السعر الذي تدفعه حاليًا، ما يعني أن المواطنين سيدفعون أكثر بدلًا من أقل. وحسب ذاماركر، قد يخفف الانخفاض الأخير في سعر الدولار بعض الخسائر، لأن الغاز يُسعّر بالدولار بينما تُحتسب تكلفة الكهرباء بالشيكل، لكن التأثير العام لا يزال سلبيًا.

خارج نطاق الأسعار، يواجه قطاع الطاقة في البلاد خطرًا أكبر، يتمثل في نقص الغاز في السنوات المقبلة. العقد مع حقل “تمار” ينتهي بنهاية هذا العقد، وليس لدى شركة الكهرباء اتفاق جديد يغطي العقد القادم. ورغم وجود حقل “ليفياثان” العملاق ومجموعة حقول أصغر تديرها “إنرجيان”، فإن الوضع ليس جيدًا. فشركة “ليفياثان” تسعى للحصول على ترخيص تصدير يتيح لها بيع 90% من إنتاجها لمصر والأردن، بينما لا تملك “إنرجيان” القدرة الكافية لتغطية الاستهلاك المحلي الضخم لشركة الكهرباء.
هذا يعني أن “تمار” سيبقى المزود الرئيسي للغاز في السوق المحلية، ما يضع ضغطًا تصاعديًا على الأسعار، التي قد تقترب من أسعار التصدير إلى مصر والمقدّرة بـ 7 إلى 7.5 دولارات للوحدة الحرارية. الأسوأ، بحسب ذاماركر، أن الاتفاق الجديد مع “تمار” كان من المفترض أن يضمن كميات إضافية من الغاز لتشغيل الوحدات التي يجري تحويلها حاليًا من الفحم إلى الغاز. وبدون هذا الاتفاق، قد تجد شركة الكهرباء نفسها تُنهي عملية التحويل دون أن يتوفر الغاز اللازم لتشغيل تلك المحطات.
في خضم هذه الأزمة، يواجه وزير الطاقة إيلي كوهين ضغوطًا متزايدة. على مكتبه حاليًا طلب من شركاء حقل “ليفياثان” للحصول على رخصة تصدير ضخمة بقيمة 35 مليار دولار، وهي الوحيدة المعروضة أمامه. الوزير أعلن أكثر من مرة أنه لن يوافق على أي تصدير جديد ما لم توقّع شركة الكهرباء اتفاقًا يضمن خفض أسعار الكهرباء. ففي سبتمبر قال بوضوح: “إذا ارتفع سعر الكهرباء ولو بفلس واحد بسبب الغاز، فلن نوافق على التصدير”.
في الوقت نفسه، وقّعت جميع شركات الغاز اتفاقًا لبناء بنية تحتية جديدة لتصدير الغاز إلى مصر، ما سيزيد من طاقة التصدير بمقدار ستة مليارات متر مكعب سنويًا، أي زيادة بنسبة 50% عن الحجم الحالي.
مقالات ذات صلة: ابتداءً من 2026: تحديث أسعار الكهرباء كلّ 3 أشهر وزيادات في الفواتير











