/
/
المحكمة تعفي “الرهبان الكرمليين” من دفع ضريبة بقيمة 20 مليون شيكل لبلدية حيفا

المحكمة تعفي “الرهبان الكرمليين” من دفع ضريبة بقيمة 20 مليون شيكل لبلدية حيفا

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
1024px Stella Maris Monastery 07 Best
دير سيدة جبل الكرمل (ستيلا ماريس) التابع للرهبان الكرمليين، الصورة: ويكيميديا

أصدرت المحكمة المركزية في حيفا حكمًا نهائيًا يقضي بإعفاء “الرهبان الكرمليين” من دفع ضريبة التحسين (היטל השבחה) التي طالبتهم بها بلدية حيفا بقيمة عشرين مليون شيكل، وذلك بعد نزاع قانوني استمر أكثر من عشر سنوات. المحكمة رأت أن الاتفاق الذي وُقع بين الطرفين عام 2009 لتسوية المبلغ كان غير قانوني ويتعارض مع أحكام قانون التخطيط والبناء.

الرهبان الكرمليون، الذين يُعدّ ديرهم من أقدم الأديرة الكاثوليكية في البلاد، يملكون أرضًا مساحتها 231 دونمًا تقع على منحدر جبل الكرمل إلى الجنوب من دير ستيلا ماريس (دير سيدة جبل الكرمل). وقبل نحو عقدين، بادر الرهبان إلى إعداد مشروع تطويري ضخم يهدف إلى تغيير تصنيف الأرض من منطقة مفتوحة إلى منطقة سكنية وتجارية وسياحية، تسمح ببناء نحو 350 وحدة سكنية وفندق ومجمع تجاري ونحو 160 وحدة سكنية مخصصة لكبار السن.

خلال عرض المشروع، أعلن الرهبان الكرمليون أنهم سيخصّصون جميع العائدات لصالح مشاريع عامة في مدينة حيفا، منها إنشاء متنزه كبير باسم حديقة ستيلا ماريس، ومسرح مكشوف، ومجمع حدائق، وموقف سيارات عام، إضافة إلى مشاريع تعليمية وثقافية مثل توسيع مدرسة الكرمل وتجديد ساحة باريس، وتكلفة هذه التبرعات تقدّر بخمسين مليون دولار.

بعد موافقة لجنة التخطيط والبناء المحلية عام 2007، أعدت بلدية حيفا تقريرًا لتقييم “تحسين قيمة الأرض” وحددته بـ134 مليون شيكل، ما يعني أن ضريبة التحسين المستحقة تبلغ نصف هذا المبلغ أي 67 مليون شيكل. الرهبان الكرمليون دخلوا في مفاوضات طويلة مع البلدية انتهت في ديسمبر 2009 إلى اتفاق تسوية خُفّض بموجبه المبلغ إلى عشرين مليون شيكل، مقابل تنفيذ الرهبان للمشاريع العامة المذكورة. الاتفاق حظي أيضًا بموافقة الفاتيكان، واعتُبر حينها نموذجًا للتعاون بين الكنيسة والبلدية.

لكن الرهبان لم يباشروا تنفيذ المشروع، وبحسب القانون تُدفع ضريبة التحسين عند الحصول على رخصة بناء أو عند بيع الأرض، وهذان الأمران لم يحدثا. وبعد مرور سنوات، قرر الرهبان تجميد المشروع لعشر سنوات إضافية، وخلال عام 2016، وبعد استشارة قانونية، أعلن ممثلوهم أن الاتفاق المبرم مع البلدية غير قانوني لأنه تضمن جباية لا تستند إلى أساس قانوني. وبعد فشل المفاوضات اللاحقة، قدّم الرهبان عام 2019 دعوى رسمية بواسطة المحامي رجا جمال أمام المحكمة المركزية في حيفا لإلغاء الاتفاق.

568723539 10230654770096960 2107461476689128175 n
المحامي رجا جمال، الذي مثّل الرهبان الكرمليين. الصورة: صفحته على فيسبوك

في الدعوى، أوضح الرهبان أن القانون يمنح الأوقاف الدينية إعفاءً واضحًا من ضريبة التحسين، وأنهم أُجبروا عمليًا على التنازل عن هذا الإعفاء والتوقيع على اتفاق مخالف للقانون. كما استندوا إلى التعديل رقم 84 لقانون التخطيط والبناء، الذي يمنع الاتفاقات أو التسويات بشأن تقدير قيمة ضريبة التحسين بين اللجان المحلية للتخطيط والبناء التابعة للبلديات وبين دافعي هذه الضريبة. وقد اقتنعت المحكمة بهذه الحجج القانونية وقررت أن الاتفاق بين الرهبان والبلدية الذي يُعد “تقديرًا متفقًا عليه” هو باطل قانونيًا، وأن أي ضريبة تحسين يجب أن تُدفع نقدًا فقط، لا أن تُستبدل بأعمال عامة أو مشاريع بلدية.

بلدية حيفا من جانبها زعمت أن الاتفاق قانوني وأن الرهبان يحاولون التنصّل منه فقط بعد أن أصبح المشروع غير مجدٍ اقتصاديًا. لكنها لم تنجح في إقناع المحكمة، التي أكدت أن الاتفاق يخالف نص القانون وهدفه، وألغته بالكامل. وبذلك لم يعد الرهبان ملزمين بدفع أي جزء من مبلغ العشرين مليون شيكل.

المحامي رجا جمال، الذي مثّل الرهبان الكرمليين، علّق على الحكم في منشور له على صفحته في فيسبوك، وكتب: “شعور فخر هائل برؤية العدالة تتحقق، حتى إن كانت الطريق طويلة وصعبة. هذا اليوم مميز للغاية، فبعد أكثر من عشر سنوات من نضال قانوني متواصل، صدر الحكم الذي يثبت أن الاتفاق مع بلدية حيفا غير قانوني وينتهك المصلحة العامة.” وأضاف أن القرار يمثل انتصارًا للحق والمبادئ والعدالة، ويؤكد أن الأوقاف والكنائس والمساجد والمؤسسات الدينية معفاة من ضريبة التحسين بموجب القانون، وأن البلديات لا يمكنها بعد اليوم فرض اتفاقات قسرية أو جباية غير قانونية.

وختم المحامي جمال بالقول إن هذا الحكم لا يقتصر على نجاح مهني أو شخصي، بل يحمل بُعدًا وطنيًا ومبدئيًا يتمثل في حماية أراضي المقدسات وضمان احترام مكانتها القانونية والتاريخية، معتبرًا أن هذا هو “الجوهر الحقيقي للإنجاز – انتصار للحق ولحماية المقدسات والعدالة”.

مقالات ذات صلة: هكذا يُنقذ الوقف أملاك المقدسيين من مخططات التهويد والخلافات العائلية

مقالات مختارة