
بحسب تقرير موسّع نشره موقع غلوبس الاقتصادي، تواجه مشاريع البنية التحتية الكبرى في البلاد، وعلى رأسها مشروع المترو في منطقة تل أبيب، خطر التعطل أو التأجيل بسبب استمرار المقاطعة الأوروبية لشركات تعمل داخل إسرائيل أو في القدس المحتلة، وذلك على بسبب الحرب في غزة والانتهاكات ضد الفلسطينيين.
يشير تقرير غلوبس إلى أن معظم شركات البنية التحتية الأجنبية، خصوصًا الأوروبية، لن تسارع إلى العودة إلى البلاد بعد انتهاء الحرب، إذ تخشى التورط في مشاريع تُثير انتقادات سياسية وإنسانية في بلدانها الأصلية. ويقول التقرير إن الحكومة الإسرائيلية وشركة “نتيفي” المسؤولة عن تنفيذ مشاريع النقل العام بدأت بالفعل تعديل مناقصات مشروع المترو لتتلاءم مع الواقع السياسي الجديد، بما في ذلك تمديد فترات التقديم وإعادة فتح باب العطاءات بعد عام إضافي، في محاولة لجذب شركات قد تتردد حاليًا بسبب الضغوط الدولية.
ويُعد مشروع المترو المرتقب أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ إسرائيل، إذ تبلغ ميزانيته التقديرية نحو 200 مليار شيكل. ويتكوّن من ثلاثة خطوط تحت الأرض تمتد عبر 24 سلطة محلية في منطقة تل أبيب، ويُتوقّع أن يبدأ تنفيذه خلال السنوات القليلة المقبلة، ليصبح جاهزًا في نهاية العقد القادم. وتخطط شركة “نتيفي” لإطلاق مرحلة الفرز الأولية للعطاءات في نوفمبر المقبل، وهي المرحلة التي ستحدد المجموعات المؤهلة للمشاركة في التنفيذ.
لكن، وفقًا لتقرير غلوبس، فإن الشركات الأوروبية تتعرض لضغوط متزايدة من حكوماتها ومن اتحادات العمال والمستثمرين فيها، بسبب مشاركتها في مشاريع إسرائيلية، ولا سيما في القدس الشرقية، التي يعتبرها المجتمع الدولي أرضًا محتلة. وفي بعض الحالات، تواجه تلك الشركات تحقيقات رسمية أو مراجعات قانونية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.
وضمن هذا السياق، أشار التقرير إلى أن شركة WSP الكندية، وهي واحدة من أكبر شركات البنية التحتية في العالم، قررت إغلاق فرعها في إسرائيل والاكتفاء بممثل واحد، مبررة ذلك بتغييرات تنظيمية، إلا أن القرار تزامن مع تصاعد حملات المقاطعة من منظمات داعمة لفلسطين، اتهمت الشركة بالمساهمة في “ترسيخ نظام الفصل العنصري” عبر مشاركتها في إنشاء خطوط القطار الخفيف في القدس. كما كشف التقرير أن 105 من المنظمات الحقوقية وجّهت رسالة إلى المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان تطالب بإضافة الشركة إلى القائمة السوداء للشركات العاملة في المستوطنات غير القانونية.

الشركات الإسبانية بدورها لم تسلم من الضغوط. فقد انسحبت شركة COMSA من مشروع “الخط الأزرق” في القدس بعد ضغوط سياسية، بينما استمرت شركتا CAF وSEMI الإسبانيتان في العمل داخل إسرائيل رغم الانتقادات، التي تعمل إحداهما تعمل في مشروع القطار الكهربائي في تل أبيب والقدس، لكنها تواجه اليوم شروطًا صارمة من الحكومة البلجيكية التي علّقت عقدًا لها بقيمة أكثر من ثلاثة مليارات يورو إلى حين التأكد من التزامها بمعايير “القانون الدولي وحقوق الإنسان”.
أما الشركات الفرنسية والألمانية، مثل ألستوم وسيمنس، فهي أيضًا تواجه حملات ضغط متواصلة في أوروبا، وأصبح بعضها مهددًا بخسارة مناقصات خارج إسرائيل بسبب استمرار عمله فيها. وأشار التقرير إلى أن شركة ألستوم الفرنسية قد تخسر عقدًا ضخمًا لمترو برشلونة بسبب مشاركتها في مشاريع داخل إسرائيل.
كل ذلك دفع الحكومة الإسرائيلية إلى التفكير في الاعتماد أكثر على الشركات المحلية لتنفيذ المشاريع، خصوصًا في القدس، حيث الحساسية السياسية في أعلى مستوياتها. وقال أحد المصادر في قطاع البناء لموقع غلوبس إن “معظم الشركات الأوروبية لن تقترب من المشاريع في القدس قريبًا، لأن الصور القادمة من غزة ستجعل الرأي العام الأوروبي أكثر عداءً لأي تعاون مع إسرائيل”.
التقرير يوضح أيضًا أن الضغوط لا تأتي فقط من المنظمات الحقوقية، بل من اتحادات العمال الأوروبية التي تدعو إدارات الشركات إلى وقف العمل في إسرائيل، إضافة إلى حكومات محلية وبلديات أوروبية تعلن مواقف علنية مناهضة للمشاريع الإسرائيلية. وفي نهاية المطاف، فإن القرار النهائي حول المشاركة في المناقصات لا تتخذه الفروع المحلية، بل مجالس الإدارة العالمية التي تميل إلى تجنّب الدخول في صراعات سياسية قد تضر بسمعة الشركات في أسواقها الرئيسية.
مقالات ذات صلة: من بينها Airbnb: خمس شركات عالمية كبرى متورطة في دعم الاستيطان في الضفة والقدس











