
اقتحمت الشرطة صباح اليوم مكتب وزيرة المساواة الاجتماعية ماي جولان في القدس، في إطار تحقيق واسع النطاق يتعلق بالاشتباه في توظيف وهمي واستخدام غير قانوني للأموال العامة عبر جمعيات أهلية. وقد استدعيت جولان رسميًا للتحقيق بعد الظهر، وأبلغت الشرطة بأنها ستتعاون وتحضر الجلسة.
المداهمة لم تقتصر على مكتب الوزيرة، إذ أعلنت وحدة “لاهاف 433” المختصة بمكافحة الجريمة المنظمة أنها اعتقلت محاميًا مقرّبًا من جولان، وجرى توقيف خمسة أشخاص آخرين على ذمة التحقيق. وأفادت الشرطة أنها ستطلب تمديد اعتقال المحامي بعد خضوعه للاستجواب. وقد عُثِر في بيت إحدى المقربات من الوزيرة على مختبر لزراعة المخدرات، بينما أُوقف آخرون في منازلهم واقتيدوا إلى التحقيق. وأفاد مصدر في الشرطة لصحيفة هآرتس إلى أن من بين الموقوفين صاحب جمعية تربطه علاقة وثيقة بوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
القضية الحالية لم تنشأ من فراغ، بل تعود جذورها إلى تحقيق صحفي بُث مطلع هذا العام في القناة 12 الإسرائيلية، كشف أن جولان استعملت أموال الجمعية التي أسستها، المسماة “المدينة العبرية”، بشكل غير قانوني، فضلًا عن ممارسات تنكيل بحق موظفي مكتبها. التحقيق التلفزيوني أشار أيضًا إلى أن الجمعية تلقت تبرعات مالية كبيرة لم تُستخدم في نشاطات حقيقية في جنوب تل أبيب، وهو الهدف الذي أُنشئت من أجله. كما زُعم أن جولان تقاضت آلاف الشواقل كراتب من الجمعية رغم كونها عضوة في مجلس إدارتها، وهو أمر محظور قانونيًا.
لم تتوقف الشبهات عند هذا الحد. فقد وُجهت اتهامات لمقربين من جولان بأنهم رتبوا وظائف حكومية لأفراد عائلاتهم. وقد ورد اسم أحدهم كعضو مجلس إدارة في جمعية جولان، وتلقى في الوقت ذاته مدفوعات من الكنيست ومن الجمعية نفسها، من بينها أجر عن استشارة قانونية قُدمت بشأن دعوى قضائية لم تُقدَّم أصلًا. جولان ردت حينها بالقول إن التحقيق الصحفي مفبرك، مؤكدة أن التسجيلات التي عُرضت خلاله صُنعت بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي.
قبل نحو شهرين، أصدر كلٌّ من المستشارة القانونية للحكومة والمدعي العام أمرًا بفتح تحقيق رسمي ضد جولان بشبهات تتعلق بتلقي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة وتقديم إفادة كاذبة. منذ ذلك الحين استمعت السلطات إلى شهادات عدة من شخصيات بارزة مقربة من الوزيرة. ورغم ذلك، فإن جولان تتمتع بحصانة برلمانية تمنع اعتقالها المباشر، ما يلزم الشرطة بتنسيق أي جلسة تحقيق معها مسبقًا.
القضية أخذت أبعادًا إضافية صباح اليوم مع نشر تقرير من مفوض شكاوى الجمهور بشأن عمل النيابة العامة والادعاء. التقرير انتقد بشدة أداء سلطات إنفاذ القانون في معالجة حادث سير تورطت فيه جولان عندما صدمت راكب دراجة نارية وأصابته بجروح طفيفة. القاضي المتقاعد مناحم فينكلشتاين، الذي أعد التقرير، أشار إلى وجود “تأخير كبير” في التعامل مع الملف، موجهًا انتقادًا لرفض الوزيرة المثول للتحقيق رغم دعوات متكررة من النيابة والشرطة. صحيفة هآرتس كانت قد كشفت في يناير أن جولان تجاهلت استدعاءين رسميين للتحقيق في الحادث، ولم توافق على التحدث إلى الشرطة إلا بعد نشر الموضوع في الإعلام. التقرير الجديد لم يتطرق بشكل مباشر إلى الشبهات المتعلقة بالوظائف الوهمية واستخدام الأموال العامة، لكنه سلط الضوء على نمط من المماطلة في تعامل الوزيرة مع سلطات إنفاذ القانون.
مقالات ذات صلة: “تُسَيِّس سلطة تطوير المجتمع العربي وتقصي المرشحين المهنيين”: “مساواة” تلتمس أمام العليا ضد الوزيرة غولان











