
تشهد العاصمة البريطانية لندن هذا الأسبوع واحدة من أضخم موجات الاحتجاج المناهضة لإسرائيل، مع افتتاح معرض الأسلحة الدولي DSEI، الذي يقام لأول مرة منذ اندلاع الحرب على غزة. المعرض الذي يُعتبر من أهم الفعاليات العسكرية في أوروبا، تحوّل إلى ساحة مواجهة سياسية وشعبية بعدما أعلنت عشرات المنظمات المؤيدة لفلسطين عزمها تعطيل فعالياته والتشهير بشركات السلاح الإسرائيلية المشاركة فيه.
تشارك في المعرض 51 شركة إسرائيلية، من بينها ثلاث من أضخم شركات الصناعات العسكرية، وهي “إلبيت معرخوت”، و”صناعات الفضاء الإسرائيلية”، و”رفائيل”. هذه الشركات لطالما ارتبط اسمها بالهجمات في قطاع غزة، وبصناعات عسكرية تُستخدم ضد المدنيين الفلسطينيين. لذلك جعلها المحتجون هدفهم المباشر، متهمين الحكومة البريطانية بالتواطؤ مع “الإبادة الجماعية”. منظمة CAAT البريطانية، وهي أبرز المنظمات المناهضة لتجارة السلاح، تقود الحراك هذا العام، وتخطط لجذب ما يصل إلى ألف متظاهر على أبواب مركز المؤتمرات “إكسل” في قلب لندن.
المعارضة لمشاركة إسرائيل لم تقتصر على منظمات المجتمع المدني. عمدة لندن صادق خان طالب رسميًا بإلغاء المعرض من العاصمة بسبب “حرب إسرائيل على غزة”. أما الحكومة البريطانية، ورغم توازنها الحذر، فقد اتخذت خطوات غير مسبوقة، منها حظر إقامة جناح رسمي لوزارة الدفاع الإسرائيلية ومنع دخول وفودها، وتعليق عشرات تراخيص تصدير السلاح لإسرائيل على خلفية مخاوف من انتهاك القانون الدولي. وفي خطوة سياسية لافتة، أعلنت لندن أنها ستعترف هذا الشهر بالدولة الفلسطينية، كما علقت محادثات لاتفاق تجارة جديد مع تل أبيب.
الاحتجاجات تمتد عبر أوروبا
الاحتجاجات لم تقتصر على بريطانيا. فقد امتدت إلى ألمانيا حيث اقتحم نشطاء من منظمة “Palestine Action” مكاتب تابعة لشركة إلبيت معرخوت وقاموا بتخريب المعدات تقدر قيمتها بمئات آلاف اليوروهات، في رسالة واضحة برفض الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وهي المرة الثالثة التي تتعرض بها مكاتب الشركة في أوروبا لاعتداءات. وفي بريطانيا نفسها، دفعت أنشطة هذه الحركة إلى إغلاق أحد مواقع إنتاج إلبيت، رغم نفي الشركة لاحقًا. هذه التحركات تعكس تصاعد الغضب الأوروبي من استمرار الحرب في غزة، وتنامي القناعة بأن تجارة السلاح مع إسرائيل تجعل العواصم الغربية شريكة في معاناة الفلسطينيين.

اللافت أن الرأي العام البريطاني يشهد تحولًا جذريًا. فوفق استطلاع نُشر مؤخرًا، 45% من البريطانيين يقارنون اليوم بين سياسات إسرائيل في غزة وبين ممارسات النازية ضد اليهود، مقارنة بـ33% قبل عام واحد فقط. وتبدو الصورة بين الشباب أكثر وضوحًا، إذ قال 60% منهم إنهم يتبنون هذا التشبيه. هذا التحول في المزاج الشعبي دفع الحكومة البريطانية لتعيين وزيرة داخلية جديدة، شبانة محمود، المعروفة بمواقفها المؤيدة لفلسطين، والتي نشرت سابقًا صورًا لها وهي تحمل لافتة “Free Palestine”.
أما الشركات الإسرائيلية المشاركة، وعلى رأسها إلبيت معرخوت، فقد حاولت التقليل من شأن هذه الضغوط، مؤكدة أن “جداول لقاءاتها ممتلئة” مع وفود عسكرية من مختلف الدول. لكنها تدرك أن المشهد لم يعد كما كان، وأن الضغوط الشعبية والسياسية تجعل مشاركتها محاطة بسخط واسع. فالشارع الأوروبي بات يرى في هذه الشركات رمزًا للقتل في غزة.
مقالات ذات صلة: بميزانية 175 مليون شيكل: إسرائيل تبدأ حملة “بروباغندا” ضخمة على غوغل ويوتيوب لتبييض صورتها











