في دول العالم الثالث، هذه المشاهد مألوفة؛ حيث تشاهد أسلاك كهرباء عالية الجهد معلقة على الأشجار، وعلى أعمدة “مرتجلة” لا تفي بالغرض، تتأرجح حولك في كلّ مكان، متدليةً قربك في متناول اليد، فتتساءل ماذا سيحدث لو أنّ طفلًا مدّ يده إليها؟ لكن هذا الواقع لا يقتصر فقط على دول العالم الثالث فقط، ففي العديد من البلدات العربية في إسرائيل، يسود هذا المشهد حيث يتم توصيل آلاف المنازل بشبكة الكهرباء بوسائل غير قانونية.
لماذا تنتشر هذه الظاهرة في البلدات العربية وليس اليهودية؟ الجواب مرتبط بالبناء غير القانوني المنتشر جدًا في المجتمع العربي، والذي يحدث في كثير من الحالات بسبب عدم القدرة على البناء بشكل قانوني. ففي غياب شهادة إنهاء البناء “תעודת גמר” (التي كانت تُعرف في السابق بالاستمارة/توفس 4)، والتي لا يمكن الحصول عليها من دون ترخيص بناء، لا تستطيع شركة الكهرباء ربط البيت بشبكة الكهرباء، فيلجأ صاحب البيت إلى حلول مؤقتة لربط بيته بشكل مباشر بأعمدة الكهرباء عبر وصلات كهربائية غير قانونية، أو مد خطوط كهرباء إلى المنازل المجاورة والتوصيل بعداداتها، إلى جانب العديد من الحلول الأخرى المعقدة وغير الآمنة. هذه التوصيلات تمر بجوار مؤسسات تعليمية، وطرق مركزية وبيوت سكنية، دون مراعاة معايير السلامة والأمان. وتشير تقديرات متحفظة إلى أن هناك حوالي 60 ألف منزل في المجتمع العربي موصولة بالكهرباء بشكل غير قانوني، بينما تتحدث تقديرات أخرى عن أكثر من 130 ألف منزل.
هذا الوضع هو نتيجة لسياسة الدولة المستمرة فيما يتعلق بتراخيص البناء. ففي معظم البلدات العربية، لا توجد تخطيطات تنظيمية معتمدة، ما يجعل الحصول على رخصة بناء أمرًا شبه مستحيل. يعيش السكان على أراضٍ يملكونها، لكنهم يضطرون إلى تدبّر أمرهم بنفسهم فيما يتعلّق بالبنية التحتية الأساسية، وغالبًا ما يتمّ ذلك عبر حلول خطيرة.
خلال جولة لـ “شومريم” في عدد من البلدات في الشمال، قمنا بتوثيق ما يبدو عليه الحال: أسلاك مكشوفة معلقة على الأشجار، أعمدة مصنوعة من أجزاء معدنية، ووصلات على ارتفاع منخفض، والمزيد…
في إحدى الحالات، وثقنا نظام وصلات متشعب على بعد أمتار قليلة فقط من مدرسة ابتدائية. وفي بلدة أخرى في الشمال، وقعت ثلاث حرائق في أقل من عام، جميعها في أحياء تعجّ فيها الوصلات غير القانونية. وفي بلدة ثالثة، ذكرت وسائل الإعلام العربية أن طفلاً تعرض لصعقة كهربائية بعد أن لمس سلكاً مكشوفاً.
السلطات في المجتمع العربي على دراية تامة بالوضع ولكنها تقول، بشكل غير رسمي، بأنّها لا تمتلك أي وسيلة لمعالجة هذه الظاهرة. من جانبها، تلتزم شركة الكهرباء بالقانون، ما يعني أنها لا توصل الكهرباء للمنازل التي لا تملك ترخيصًا. وتقول وزارة الداخلية إن المشكلة ناجمة عن التخطيط المحلي وتقع ضمن مسؤوليته. وبعبارة أخرى، كل الجهات تلقي بالمسؤولية على غيرها، وفي هذه الأثناء، تستمر الكهرباء بالتدفق حول الناس.
هذا ما يبدو عليه المشهد في البلدات العربية:

























