/
/
سكة حديد إلى إيلات: مشروع بتكلفة 30 مليار شيكل يثير جدلًا بيئيًا واقتصاديًا

سكة حديد إلى إيلات: مشروع بتكلفة 30 مليار شيكل يثير جدلًا بيئيًا واقتصاديًا

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
مدينة إيلات، الصورة: ويكيميديا
مدينة إيلات، الصورة: ويكيميديا

تستعد “اللجنة للبنيات التحتية الوطنية” لعقد اجتماع حاسم في الرابع عشر من أغسطس الجاري، لعرض مسارات مقترحة لأول مرة تتعلق بالسكك الحديدية التي ستربط مدينة ديمونا في الجنوب بمدينة إيلات على ساحل البحر الأحمر.

هذا المشروع يُعد واحدًا من أكثر مشاريع البنى التحتية طموحًا في تاريخ البلاد، إذ بدأت فكرته بالتبلور في الدوائر الحكومية منذ عام 2010، لكنه ظل عالقًا في أدراج البيروقراطية حتى أُعلن عنه رسميًا قبل نحو عام ضمن إطار “خطة ربط إسرائيل بشبكة سكك حديدية” بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزيرة المواصلات ميري ريغيف، والتي تهدف إلى خلق سكك حديد متصلة من كريات شمونة في أقصى الشمال وحتى إيلات جنوبًا بحلول عام 2040.

الشركة الحكومية “نتيفي يسرائيل” التي تقود المشروع، قدّرت تكلفة المرحلة التخطيطية وحدها بـ50 مليون شيكل حتى المصادقة النهائية على المخطط، والمتوقعة في عام 2027. أما تكلفة التنفيذ الكاملة، والتي يُتوقع أن تُموّل جزئيًا عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP)، فتصل إلى نحو 30 مليار شيكل. وتُقدّر مدة تنفيذ المشروع بنحو عشر سنوات، ما يجعله من أكثر المشاريع تعقيدًا وطولًا في إسرائيل.

يمتد الخط الجديد لمسافة تقدر بحوالي 200 كيلومتر، وسيُقسم إلى أربعة مقاطع، يتولى كل منها فريق تخطيط مختلف، بحيث تأخذ كل جهة بعين الاعتبار الأضرار البيئية والمناظر الطبيعية المحيطة. وعلى امتداد هذا الخط، يُتوقع إنشاء أربع محطات ركاب رئيسية.

تضمنت الوثيقة التقديمية التي أعدتها “نتيفي يسرائيل” للعرض أمام لجنة البنى التحتية، عدة فوائد استراتيجية للمشروع على المستوى الوطني. من أبرزها رفع قدرة النقل للبضائع من إيلات، توفير بديل بري في حال تعطلت موانئ البحر المتوسط، دعم مكانة مطار رامون كحلقة وصل مهمة، تخفيف الضغط عن شارع رقم 90 المعروف بازدحامه بالشاحنات، وأيضًا تحفيز السكن في منطقة إيلات. وتشير التوقعات إلى أن استخدام القطار بحلول عام 2040 قد يبلغ 8.2 مليون راكب سنويًا، بالإضافة إلى نقل ما يصل إلى 16 مليون طن من البضائع كل عام، تشمل الحاويات والكيماويات والسيارات.

لكن وعلى الرغم من أهمية المشروع من الناحية الاقتصادية والبنية التحتية، فإن أصواتًا قوية تعارضه، على رأسها “جمعية حماية الطبيعة في إسرائيل” التي حذّرت من تأثيرات بيئية جسيمة قد تنجم عن إنشاء هذا الخط. وتؤكد الجمعية أن المخطط سيمر عبر مناطق حساسة ومحميات في صحراء النقب، ما سيخلق حواجز طبيعية تُعيق حركة الحيوانات البرية، وقد يؤدي أيضًا إلى تغيير في تدفق المياه في المناطق الصحراوية.

ولم تقف التحذيرات عند التأثيرات البرية، بل تم تسليط الضوء أيضًا على الأضرار المتوقعة لشعاب المرجان في خليج إيلات، والتي تُعتبر من كنوز الطبيعة العالمية، سواء على المستوى الوطني أو الدولي. وترى الجمعية أن الخطر لا يقتصر على البيئة فقط، بل يتعداه إلى الجدوى الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدة أن المشروع مكلف بشكل مبالغ فيه، دون مردود ملموس لسكان المنطقة، خاصة أن القطار سيكون مخصصًا في المقام الأول لنقل البضائع، بينما سيبقى خدمة الركاب محدودة وغير فعالة لسكان الجنوب.

وانطلاقًا من هذه المخاوف، دعت جمعية حماية الطبيعة إلى إعادة النظر في أولويات الاستثمار الحكومي، واقترحت بدلاً من ذلك توجيه هذه الميزانيات الضخمة نحو تحسين خدمات المواصلات العامة القائمة، التي تخدم فعليًا شريحة أكبر من المواطنين بشكل يومي.

مقالات ذات صلة: بتكلفة 5 مليارات شيكل: “طابق جديد” في شارع رقم 6

مقالات مختارة