
تشهد اللحوم في البلدات العربية في البلاد موجة غلاء غير مسبوقة، مع اقتراب عيد الأضحى، وسط مخاوف من أن يصل سعر كيلو لحم الخروف إلى 180 وربما 200 شيكل خلال الأيام المقبلة. ووفقًا لتقرير ميداني نشره موقع “عرب 48″، فإن أسعار لحم الخروف ارتفعت بنسب متفاوتة بين بلدة وأخرى، بل وحتى داخل البلدة الواحدة، حيث سجّل في كفر كنا تفاوتًا لافتًا بين 120 و170 شيكلًا للكيلوغرام، فيما تجاوزت الأسعار هذه العتبة في بلدات مثل شفاعمرو.
الارتفاع في الأسعار لا يعود إلى عوامل محلية فحسب، بل يتأثر بجملة من التطورات الإقليمية والدولية، أبرزها توقف الاستيراد من أستراليا، أحد المصادر الرئيسية للأغنام إلى السوق المحلي. السبب الرئيس وراء ذلك هو الحظر البحري الذي يفرضه الحوثيون على السفن المتجهة إلى موانئ البلاد عبر مضيق باب المندب، ما أدّى إلى تعطل سلاسل التوريد، وارتفاع تكلفة الشحن بشكل كبير.
وفقًا لأحد المستوردين الذي تحدث لموقع “عرب 48″، وهو شادي موسى من دير الأسد وصاحب شركة “غود ميت”، فإن إسرائيل تفرض قيودًا صارمة على استيراد المواشي، ولا تسمح بالاستيراد من أي بلد، وهو ما يجعل السوق عرضة للاختناقات. وأضاف أن تكلفة النقل البحري ارتفعت بشكل حاد، إلى جانب تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار الأعلاف، والتضخم المالي، وتقلبات سعر صرف الشيكل مقابل اليورو، مما أدى جميعه إلى ارتفاع كلفة تربية وتوريد الأغنام.
وأوضح موسى أن شروط الاستيراد تزداد تعقيدًا، خصوصًا مع متطلبات الحجر البيطري، المعروف باسم “الكرنتينا”، الذي يفرض على المستورد إبقاء المواشي في الحجر لمدة 8 أيام، إضافة إلى ضرائب جمركية تبلغ نحو 7 شيكل للكيلوغرام الواحد، وضريبة القيمة المضافة بنسبة 18%، وتكاليف التطعيم والفحوصات البيطرية التي تصل إلى 3 شيكل للكيلوغرام. ووفقًا لموسى، فإن المستوردين لن يرفعوا الأسعار من جهتهم في الفترة الحالية، لأن الكمية المطلوبة للعید قد تم استيرادها مسبقًا، ولا يوجد أي سبب لارتفاع إضافي في الأسعار.
من جانبه، أكد الطبيب البيطري الرسمي في مجلس يركا المحلي، د. نعيم كريم، لموقع “عرب 48″، أن نحو 60% من لحوم السوق الإسرائيلي هي لحوم مجمدة، فيما يعتمد المجتمع العربي بشكل أكبر على اللحوم الطازجة، والتي تُعد الأكثر تأثرًا بارتفاع التكاليف. وأوضح أن لحوم الخروف تُعد الوحيدة الخاضعة للجمارك، بخلاف لحوم العجول، ما يزيد من كلفتها على المستهلك. كما أشار إلى أن سلاسل التوريد تمر بعدة مراحل من المستورد إلى المربي، ثم إلى المسلخ، وأخيرًا إلى محلات اللحوم، وكل مرحلة تضيف هامشًا ربحيًا على السعر النهائي ويثقل المواطن عند الشراء.
أما في الميدان، فقد نقل موقع “عرب 48” شهادات من أصحاب محلات اللحوم في كفر كنا، حيث أكد يزيد فندي، صاحب ملحمة “لحوم فندي”، أنه يبيع لحم الخروف بـ140 شيكلًا للكيلوغرام، مؤكدًا رفضه رفع الأسعار رغم الغلاء، مراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العائلات. أما خالد خطيب، صاحب ملحمة “الأمان”، فقال إن السعر في محله لا يتجاوز 120 شيكلًا للكيلو، واصفًا الربح بـ”الضئيل”. وأشار إلى أن هناك مبالغة غير مقبولة في بعض المحلات، داعيًا إلى عدم استغلال الأزمة لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه.











