
منذ سقوط الصاروخ الحوثي بالقرب من مطار بن غوريون الأسبوع الماضي، دخل قطاع الطيران في حالة من الفوضى، بعد أن أعلنت 19 شركة طيران أجنبية تعليق رحلاتها من وإلى البلاد. هذه الخطوة تهدد ليس فقط بارتفاع أسعار التذاكر، بل أيضاً بتقلص حاد في حركة السفر والتجارة، ما ينذر بأزمة موسعة على مستوى الاقتصاد والخدمات اللوجستية.
رغم أن وزيرة المواصلات ميري ريغف سارعت إلى عقد اجتماع طارئ يوم الخميس بحضور وزير الاقتصاد نير بركات ومسؤولي المطارات وشركات الطيران المحلية، فإن الاجتماع لم يخرج بحلول فعلية للأزمة. شركات الطيران الأجنبية أعربت عن استيائها من غياب الشفافية والشرح الرسمي لما يجري في البلاد، وأكدت أنها لم تتلقَ سوى رسالة واحدة عامة من سلطة المطارات منذ سقوط الصاروخ، دون تقديم ضمانات أمنية أو خطة واضحة لاحتواء الأزمة.
وبحسب ما أورد تقرير لذاماركر، فرغم أنّ وزيرة المواصلات صرّحت بأنّ 25 شركة طيران دولية لا تزال تسير رحلاتها إلى البلاد، لكنها أغفلت حقيقة أن أكثر من 100 شركة كانت تعمل قبل الحرب، ما يعني أن قطاع الطيران فقد ثلاثة أرباع حركة الطيران الدولية.
شركات تنسحب والوزارة ترد بتصريحات
في الوقت الذي تمدد شركات الطيران الدولية تمديد تجميد رحلاتها، تتباهى وزارة المواصلات بمحاولاتها “الدبلوماسية”، ومن ذلك إعلان ريغف أنها تحدثت مع وزير الطيران الهندي في مسعى لاستئناف رحلات “إير إنديا” إلى تل أبيب. إلا أن الشركة أعلنت لاحقًا أنها ستمدّد تعليق رحلاتها حتى 25 مايو، في خطوة تعكس فشل الاتصالات الحكومية في إقناع الشركات الدولية.
في المقابل، وسّعت شركات كبرى أخرى مثل “بريتيش إيرويز” (British Airways) و”إيبيريا” (Iberia) و”Lufthansa Group” و”United Airlines” و”Air Europa” و”Wizz Air” فترة تعليق رحلاتها حتى منتصف يونيو، ما يزيد الضغوط على قطاع الطيران ويؤشر إلى أزمة تمتد على الأقل حتى الصيف.
عجز مؤسسي متراكم منذ السابع من أكتوبر
أزمة الطيران الأخيرة ليست جديدة على البلاد. فمنذ السابع من أكتوبر 2023، ساد في قطاع الطيران حالة من عدم الاستقرار، حيث علّقت غالبية شركات الطيران الأجنبية رحلاتها، ولم تبدأ العودة التدريجية إلا مطلع عام 2024. ومع كل تصعيد أمني، يتكرر السيناريو ذاته: انسحاب جماعي، وتباطؤ رسمي في الاستجابة، وتأخر في إعادة بناء الثقة.
في أبريل الماضي، حقق مطار بن غوريون رقمًا إيجابيًا بمرور 1.89 مليون مسافر، بزيادة 58% عن العام السابق، ما عكس بداية انتعاش كانت السلطات تأمل أن تستمر. لكن سقوط الصاروخ الأخير بدد هذه الآمال، وأعاد القطاع إلى نقطة الصفر.

انعكاسات مباشرة على الاقتصاد والمستهلكين
بحسب موقع ذاماركر، النتائج المترتبة على غياب شركات الطيران الأجنبية لن تتأخر. فمع تقلص العرض، سترتفع الأسعار بشكل حاد. سيتأثر بذلك المسافرون أولاً، ولكن التأثير سيمتد إلى القطاعات التجارية التي تعتمد على الشحن الجوي، ما يعني تأخر في وصول الشحنات وارتفاع في الأسعار. وستفقد أيضًا سلطة المطارات ومتاجر السوق الحرة في المطار مصادر دخل حيوية.
لكن وزارة المواصلات، وبعد عام ونصف من الأزمات المتتالية، لا تزال تفتقر إلى آلية منظمة لإدارة الأزمات في قطاع الطيران. غابت الرؤية بعيدة المدى، ولم تُنشأ أي هيئة مستقلة لتنسيق الجهود أو تطوير سياسات احتواء طويلة الأمد. عوضًا عن ذلك، اكتفت الوزارة بردود فعل متأخرة وتصريحات غير فعالة.










