
يعقد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اليوم الخيمس اجتماعًا خاصًا لبحث مقترح قدّمه رئيس المجلس الاقتصادي الوطني، أفي سيمحون، ويقضي بدعم القروض الإسكانية “المشكنتا” بأثر رجعي. تقوم الفكرة على أن تعيد الدولة للمقترضين جزءًا من الزيادة التي طرأت على أقساط قروضهم الإسكانية منذ بدء رفع الفائدة في عام 2022، ويقوم المقترح على حساب مقدار الزيادة التي طرأت على القسط الشهري في الجزء ذي الفائدة المتغيّرة من القرض الإسكاني، ثم تعويض الأسر عن جزء من هذه الزيادة، حتى إذا كانت القروض قد أُخذت قبل عشر سنوات.
المقترح يثير معارضة واسعة لدى وزارة المالية وبنك إسرائيل اللذين يرفضان الفكرة بشدة. ولم يشمل الاجتماع الذي دعا إليه نتنياهو أي ممثلين عن بنك إسرائيل، وهو ما يُنظر إليه كإشارة إلى رغبة الحكومة في إضعاف دور بنك إسرائيل في النقاش رغم كونه الجهة التي تتأثر مباشرة بهذا النوع من التدخلات.
شهدت الأشهر الأخيرة عدة لقاءات بين سيمحون وكبار مسؤولي وزارة المالية، وانتهت هذه الجلسات بتبنّي الوزارة موقفًا حاسمًا يرفض المقترح. وتؤكد الوزارة أن دعم القروض الإسكانية يتعارض جذريًا مع السياسة النقدية لبنك إسرائيل، التي تعتمد على رفع الفائدة لكبح التضخم وتقليص الاستهلاك. وتحذّر الوزارة من أن تعويض المقترضين عن جزء من الزيادة في الأقساط سيقلل فعليًا من تأثير السياسة النقدية التي تعتمد على رفع الفائدة، الأمر الذي قد يجبر بنك إسرائيل على إبقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول أو حتى رفعها مرة أخرى، وهو ما سيزيد العبء على الأسر ويؤثر سلبًا على الاقتصاد كله.
وتحذّر وزارة المالية من أنّ تدخل الحكومة في السياسة النقدية يمسّ مباشرة باستقلالية بنك إسرائيل، وقد يضعف ثقة المستثمرين بالاقتصاد إذا ظهر أن الحكومة تتجاهل موقف البنك المركزي وتعمل بعكس توصياته. وفي هذا الإطار، يُنظر إلى عدم دعوة بنك إسرائيل للاجتماع مع نتنياهو على أنه خطوة متعمدة تقلّل من مكانة البنك المركزي في النقاش الدائر حول المقترح.

وترى وزارة المالية أنّ المقترح يقدّم دعمًا لفئة محدودة جدًا من المواطنين، وهم المقترضون الذين حصلوا على قروض إسكانية ذات فائدة متغيّرة، بينما لن تتلقى مجموعات أخرى تضررت بشكل أكبر أي مساعدة مالية من الحكومة. فهناك من أخذوا قروضًا إسكانية مرتبطة بمؤشر الأسعار (التضخم) “משכנתא צמודת מדד” وارتفع دينهم بشكل حاد، وهناك أصحاب مصالح صغيرة دفعوا ثمنًا باهظًا بسبب ارتفاع الفائدة على القروض التجارية، وجميعهم مستبعدون من الخطة. وتعتبر الوزارة أن هذا التمييز يخلق تفاوتًا غير مبرر بين مجموعات تضررت من السبب نفسه.
وتشير الوزارة إلى أن الأسر التي ستستفيد من المقترح هي في الغالب أسر قوية اقتصاديًا، لأنها قادرة على توفير رأس مال كبير لشراء شقة، وهو ما يجعل من الصعب تبرير توجيه دعم حكومي إليها. وتذكر الوزارة بأن أسعار العقارات ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ما مكّن هذه الأسر من تحقيق أرباح تفوق أحيانًا الزيادة التي تحملوها في الأقساط الشهرية.
كما تحذر وزارة المالية من أنّ التدخل بأثر رجعي في القروض الإسكانية يمثل سابقة خطيرة تنسف مبدأ أساسيًا في السوق، يتمثّل في أنّ كل قرض يُسدّد وفق شروطه الأصلية. وتخشى الوزارة أن يؤدي ذلك إلى تغيّر سلوك المقترضين مستقبلًا، بحيث يزيدون مخاطرهم المالية بدافع الاعتقاد بأن الدولة ستتدخل لإنقاذهم، ما قد يهدد الاستقرار المالي على المدى الطويل.
ويبقى التمويل أحد الأسئلة الكبرى، حيث تقدّر وزارة المالية كلفة المقترح بين ثلاثة وأربعة مليارات شيكل، من دون وجود مصدر واضح لتغطية هذا العبء. وكانت إحدى الأفكار التي طُرحت فرض ضريبة إضافية على البنوك، لكن الوزارة تحذر من أن البنوك ستحوّل التكلفة إلى الجمهور عبر رفع الفائدة على القروض السكنية والتجارية والاستهلاكية، وهو ما قد يرفع أسعار السكن ويضرّ بالمدّخرين.
مقالات ذات صلة: أي البنوك منحت أعلى فائدة على حسابات التوفير في أكتوبر؟ وما هي البدائل الجديدة؟











