
كشف تقرير جديد لبنك إسرائيل عن فجوة كبيرة في الثقافة المالية بين الفئات السكانية في البلاد، حيث حصل المواطنون العرب على أدنى علامة في الثقافة المالية، حتى أقل من الحريديم. تمّ إعداد التقرير ضمن سلسلة “تحليلات سياسية وقضايا بحثية” ويهدف لقياس مستوى معرفة الناس بالمفاهيم الاقتصادية وسلوكهم المالي وتوجههم نحو الادخار والتوفير والتخطيط المالي، ومواجهتهم للأزمات المالية الطارئة.
بلغ معدل الثقافة المالية العام في إسرائيل 64 نقطة من 100، وهو مستوى مشابه لمتوسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). لكن عند النظر إلى الفئات السكانية في البلاد كلّ على حدة، تظهر فجوات حادة: اليهود (غير الحريديم) حصلوا على 67 نقطة، الحريديم نالوا 62 نقطة، أما العرب فحصلوا على 54 نقطة فقط، وهي النتيجة الأدنى بين الفئات السكانية الرئيسية.
تدني مستوى الثقافة المالية بين العرب يحدّ من اندماجهم في النظام المالي الحديث، ويجعل قدرتهم على الادخار والتوفير والتخطيط المالي أصعب، كما يجعلهم ذلك أكثر هشاشة في مواجهة الأزمات المفاجئة مثل البطالة أو النفقات الطارئة
وبحسب التقرير، لا يمكن تفسير الفارق بين العرب وبقية السكان فقط بالوضع الاقتصادي أو مستوى التعليم. فقد أجرى بنك إسرائيل تحليلًا إحصائيًا يأخذ في الحسبان ما يُسمّى بـِ“الفروق الاجتماعية والديموغرافية”، أي عوامل مثل الدخل، ومستوى التعليم، والعمر وغيرها. وبعد أن تمّت المقارنة بين الفئات مع مراعاة تأثير هذه العوامل، ظلّت النتائج لدى العرب أقل بكثير من بقية الفئات. وهذا يعني أن السبب لا يتعلق فقط بالدخل والمستوى التعليمي، بل إن هناك عوائق أعمق يواجهها المجتمع العربي، مثل قلة المعلومات المالية المتاحة باللغة العربية، وضعف الثقة بالمؤسسات المالية الإسرائيلية، وغياب برامج توعية تراعي الثقافة واللغة العربية.
يشير بنك إسرائيل إلى أن تدني مستوى الثقافة المالية بين العرب يحدّ من اندماجهم في النظام المالي الحديث، ويجعل قدرتهم على الادخار والتوفير والتخطيط المالي أصعب، كما يجعلهم ذلك أكثر هشاشة في مواجهة الأزمات المفاجئة مثل البطالة أو النفقات الطارئة. ولذلك، يدعو البنك إلى تطوير برامج تثقيف مالي مخصصة للمجتمع العربي تراعي اللغة والثقافة وتُقدَّم في المدارس ومؤسسات المجتمع المحلي، بهدف سد الفجوة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في أوساط العرب في البلاد.

الثقافة المالية أعلى لدى الرجال والأجيال الأصغر
وبينما ركّز التقرير على الفجوة في الثقافة المالية داخل المجتمع العربي، أشار أيضًا إلى فوارق أخرى داخل المجتمع الإسرائيلي ككل تتعلق بالعمر والجنس. فقد تبيّن وجود فارق واضح بين الرجال والنساء في مستوى الثقافة المالية، يصل إلى ست نقاط لصالح الرجال، أي ضعف الفارق المسجَّل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، حيث يحقق الرجال عادةً نتائج أعلى من النساء في هذا المجال.
اللافت في نتائج التقرير أن الفجوة بين الأجيال في البلاد تختلف عن الاتجاه السائد عالميًا. ففي معظم دول العالم، يتمتع الأشخاص الأكبر سنًا بثقافة مالية أعلى بفضل خبرتهم الطويلة، لكن في إسرائيل العكس هو الصحيح، إذ أظهر التقرير أن الشباب أكثر وعيًا وإلمامًا بالقضايا المالية من الأجيال الأكبر. ويرى الباحثون أن هذا يعكس تغيرًا إيجابيًا بين الأجيال في طريقة التفكير المالي واستخدام الأدوات المصرفية والتكنولوجية الحديثة.
وبحسب التحليل، هناك علاقة مباشرة بين ارتفاع الثقافة المالية وبين الحصانة الاقتصادية، أي القدرة على مواجهة أزمات مالية كالفصل من العمل أو النفقات الكبيرة الطارئة. فالأشخاص الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من الثقافة المالية يميلون إلى استخدام الخدمات البنكية والمالية بذكاء أكبر، ويجرون مقارنات بين الخيارات والأدوات المالية ويستشيرون خبراء قبل اتخاذ قرارات اقتصادية مهمة.
مقالات ذات صلة: إصلاح وزارة المالية الجديد: كل ما تحتاج معرفته عن “الحساب الموحد” لاستثماراتك وادخاراتك











