
أعلن بنك إسرائيل عن قراره إبقاء سعر الفائدة دون تغيير عند 4.5%، وذلك للمرة الرابعة عشرة على التوالي، في خطوة لم تكن محسومة مسبقًا. فقد توقع ربع المحللين تقريبًا أن يبدأ البنك المركزي بخفض تدريجي للفائدة، إلا أن اللجنة النقدية فضلت الاستمرار بالنهج المتحفظ، في قرار أثار امتعاض قطاع الأعمال الذي يعاني من التباطؤ، والأسر المتأثرة برفع قروضها المرتبطة بفائدة “البرايم”، وكذلك الحكومة التي تدخل عامًا انتخابيًا وتُقيّم أداؤها وفق المدى القصير.
القرار جاء مترافقًا مع نشر التوقعات الاقتصادية المحدّثة للبنك، والتي أشارت إلى نمو محدود للاقتصاد الإسرائيلي في عام 2025 بنسبة 2.5% فقط، مقارنةً بتوقع سابق بلغ 3.3%. وفي المقابل، رفع البنك توقعاته لمعدل التضخم ليصل إلى 3% بنهاية العام المقبل، بعد أن كان تقديره السابق 2.6%. كما قدّر العجز المالي عند مستوى 5.1%، وهو أقل قليلًا من سقف العجز الجديد الذي تسعى الحكومة لإقراره في الكنيست عند 5.2%.
اقتصاديو البنك عزوا تباطؤ النمو بشكل أساسي إلى استمرار الحرب واتساع أمدها. وقدّموا لأول مرة تقديرًا كميًا لتكلفة الحرب المستمرة، إذ أوضحوا أن كل ربع سنة إضافي من القتال يخصم نحو 0.25% من الناتج المحلي الإجمالي، ويرفع التضخم بنسبة 0.1%، ويؤخر وتيرة خفض الفائدة، كما يرفع إنفاق الحكومة بما يعادل 0.15% من الناتج. وحذّروا من أن كل إطالة إضافية في الحرب تعني أضرارًا أكبر وأكثر تعقيدًا على المدى الاقتصادي والاجتماعي.
وقف الحرب شرط للنمو
أما بالنسبة للعام 2026، فقد جاءت التوقعات أكثر تفاؤلًا، إذ يتوقع البنك نموًا بنسبة 4.3%، شريطة أن تتوقف العمليات العسكرية في الربع الأول من ذلك العام. وفي ما يتعلق بالسياسة النقدية، يتوقع الاقتصاديون أن تنخفض الفائدة إلى 3.75% في غضون عام، أي ثلاث تخفيضات متتالية خلال 2025، وهو مسار مشابه لما يتوقعه سوق المال (3.8%) والمتوسط بين التوقعات الخاصة (3.7%).
اللجنة النقدية أوضحت أن قرارها جاء على خلفية تصاعد الحرب في غزة، وتدهور المزاج الدولي تجاه إسرائيل، واستمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي. كما لفتت إلى أن التضخم في المكونات غير القابلة للتجارة ما زال مرتفعًا عند 3.6%، محذّرة من أربعة عوامل قد تؤدي إلى تسارع إضافي في التضخم: التطورات الجيوسياسية، ارتفاع الطلب مقابل قيود العرض خصوصًا في قطاع البناء، السياسات المالية الحكومية، وتراجع شروط التجارة العالمية.

ورغم أن هناك عوامل كثيرة تدعم خفضًا حذرًا للفائدة، مثل تراجع التضخم إلى ما دون 3% ودخول التوقعات التضخمية في النطاق المستهدف، إلى جانب التباطؤ الملحوظ في النشاط الاقتصادي، إلا أن البنك فضل التشديد على المخاطر الكامنة. فالمصارف المركزية حول العالم باتت تتعامل بحذر شديد مع فكرة خفض الفائدة قبل السيطرة الكاملة على التضخم المرتفع، خشية أن تكون تكلفة التسرع أكبر من تكلفة التأجيل.
اللجنة لفتت كذلك إلى أن إسرائيل لم تحدد بعد ملامح موازنة 2026، التي تأتي في عام انتخابي بعد سنوات اتسمت بظروف اقتصادية وأمنية واجتماعية قاسية. وهناك خشية من أن تلجأ الحكومة إلى تمرير موازنة موسعة بشكل مفرط قد تكون لها آثار تضخمية إضافية. كما حذّرت اللجنة من أن وقف إطلاق النار، إذا تحقق، قد يؤدي إلى إطلاق موجة من الطلبات المؤجلة، ما قد ينعش النشاط الاقتصادي لكنه في الوقت نفسه يحمل مخاطر تضخمية جديدة.
مقالات ذات صلة: خلال سنة واحدة: 70 مليار شيكل قيمة الانخفاض في الفواتير الوهمية.. ومنظمات الجريمة من أشد المتضررين











