
شهد عام 2025 نقطة تحول في عمل سلطة الضرائب مع إطلاق نموذج “فواتير إسرائيل” بشكل كامل، بعد تحضير استمر ستة عشر عامًا وفترة تجريبية خلال عام 2024، إذ أحدث هذا النموذج الجديد تغييرًا عميقًا في مكافحة ظاهرة الفواتير الوهمية التي استنزفت خزينة الدولة بمليارات الشواكل لعقود، سواء عبر الكشف المباشر عنها أو عبر الردع المسبق الذي منع إصدارها أصلًا.
بحسب تقديرات سلطة الضرائب، فإن قيمة الفواتير الوهمية انخفض خلال عام واحد فقط من نحو 100 مليار شيكل إلى نحو 30 مليار شيكل. هذا التراجع الحاد انعكس على خزينة الدولة بزيادة إيرادات ضريبية تقدر بنحو 16 مليار شيكل. ويُعتبر هذا الإنجاز أحد الأسباب الرئيسية لتسجيل فائض غير مسبوق في إيرادات الضرائب عام 2025، والذي تجاوز 20 مليار شيكل، على الرغم من ظروف الحرب وتباطؤ النمو الاقتصادي.
رغم أن فكرة النموذج تعود إلى عام 2008، إلا أنّ التحول الحقيقي الذي أسهم في تنفيذه حدث بعد تراكم فواتير رقمية ضخمة وموثوقة على مدى 16 عامًا، كانت ترسلها الشركات إلى سلطة الضرائب، بالتوازي مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي التي أتاحـت بناء نماذج قادرة على رصد أنماط الفواتير المشتبه بها. هذه التطورات سمحت لسلطة الضرائب بالانتقال من نظام قائم على فحص الفاتورة بعد تنفيذ الصفقة، إلى نظام الموافقة المسبقة، أي أن الفحص والموافقة على الفاتورة من عدمه يتم قبل تنفيذ الصفقة.
ومنذ بداية عام 2025، لم يعد بالإمكان إصدار فاتورة ضريبية تتجاوز قيمتها 20 ألف شيكل من دون إرسالها أولًا إلى سلطة الضرائب والحصول على رقم تخصيص. الفواتير السليمة تُعتمد فورًا، بينما تُرفض تلك التي يُشبته بها، فلا تُقبل لا في طلبات استرداد ضريبة القيمة المضافة ولا كمصاريف تُخصم من ضريبة الشركات.

في مرحلة التجربة خلال 2024، كانت كل الفواتير تحصل على أرقام تخصيص حتى لو تم الاشبتاه بها، أي أن الفحص كان شكليًا. أما في 2025 فقد بدأ التنفيذ الكامل، مع إمكانية رفض الفواتير. وفي سبتمبر 2025، أعلنت سلطة الضرائب أنها رفضت 39 ألف فاتورة منذ بداية العام، بقيمة 22 مليار شيكل، ما وفر على الدولة مبالغ ضريبية مباشرة تصل إلى 3.16 مليار شيكل. وعلى أساس سنوي، تشير التقديرات إلى توفير نحو 4.5 مليار شيكل من ضريبة القيمة المضافة، وانخفاض حجم الصفقات المشبوهة إلى ما بين 25 و30 مليار شيكل.
ردود الفعل على الفواتير المرفوضة تكشف الكثير. فقد تبيّن أن 87% من هذه الفواتير تم إلغاؤها دون اعتراض من مُصدريها، ما وفّر على الدولة 2.9 مليار شيكل، بمتوسط قيمة 476 ألف شيكل للفاتورة. عدم الاعتراض يعني -على الأغلب- أن معظمها كان مزيفًا بالفعل. بالمقابل، لم تتجاوز الاعتراضات المقدمة نسبة 6% فقط، على مبالغ قدرها 104 ملايين شيكل.
لكن الأثر الأهم يتعلق بالردع النفسي والقانوني الناتج عن النموذج الجديد الذي يمنع محاولات الاحتيال الضريبي وإصدار عدد ضخم من الفواتير الوهمية قبل أن تبدأ حتى، إضافة إلى الحد من نشاط منظمات الجريمة وغسيل الأموال التي استفادت سابقًا من هذه الثغرات بمليارات الشواكل.
ابتداءً من منتصف عام 2026 سيتوسع نطاق الفحص ليشمل أيضًا الفواتير التي تزيد قيمتها عن 5,000 شيكل، دون أن يقتصر على الفواتير الكبيرة فوق 20 ألف شيكل كما هو الحال الآن، ومن المتوقع أن يكشف ذلك أساليب احتيال إضافية. ومع ذلك، يؤكد خبراء الضرائب أن نماذج الذكاء الاصطناعي لا تستطيع حتى اليوم التعرف على كل أنماط الاحتيال، ما يعني أن العديد الفواتير الوهمية ما زالت تمر من دون أن تُكتشف.
مقالات ذات صلة: “Deep نصب”: هكذا سُرِق 200 ألف شيكل من حساب سيدة مسنّة في بنك هبوعليم











