أصدرت سلطة سوق المال تقريرها السنوي لعام 2024 حول قطاع التأمين والتوفير طويل الأمد، وهو يقدم صورة شاملة لقطاع يضم أصولًا بلغت قيمتها 2.86 تريليون شيكل.

التأمين على الحياة
من أبرز ما جاء في التقرير هو الارتفاع الكبير في حجم التعويضات في قطاع التأمين على الحياة. فبين عامي 2021 و2024 قفزت قيمة المطالبات المدفوعة بنسبة 64%، من 1.4 مليار شيكل إلى 2.3 مليار شيكل، وكان الجزء الأكبر من هذه الزيادة بين عامي 2022 و2023. هذه القفزة مرتبطة جزئيًا بزيادة طبيعية في أعداد المؤمن عليهم وحجم التغطيات، لكنها تعكس أيضًا ارتفاعًا في عدد الوفيات، الذي تأثر بدوره بالحرب. نتيجة لذلك ارتفع مؤشر الخسائر (Loss Ratio) من 39% إلى 51%، ما يعني أن شركات التأمين باتت تعيد 51 أغورة من كل شيكل تتقاضاه كقسط، بعد أن كانت تعيد 39 أغورة فقط. ورغم أن القطاع ما زال يحقق أرباحًا كبيرة، إلا أن هوامش الربح تقلصت مقارنة بالماضي.
في جانب أسعار التأمين على الحياة، يكشف التقرير عن فجوات صادمة. فعلى سبيل المثال، رجل في الخامسة والثلاثين من عمره، غير مدخن، يسعى للحصول على تأمين حياة بقيمة مليون شيكل لمدة 30 عامًا، سيجد أن تكلفة البوليصة لدى ليبرا هي الأرخص، فيما تُعد هرئيل الأغلى، بفارق 46%، أي ما يعادل 34.7 ألف شيكل على مدار فترة التأمين. لدى النساء الفوارق أكبر، حيث وصلت النسبة إلى 72% بين ليبرا الأرخص ومجدال الأغلى. هذه المعطيات تضع علامات استفهام حول آليات التسعير والفجوات التي يتحملها الزبون.
التأمين على السيارات
وفي قطاع التأمين على السيارات، يبرز اتجاه آخر. فقد ارتفعت أقساط التأمين في عام 2024 إلى 13.9 مليار شيكل، بزيادة 14% مقارنة بعام 2022، رغم أن عدد السيارات المؤمنة ارتفع بنسبة 1% فقط. السبب يعود إلى الزيادات الكبيرة في أسعار التأمين بعد أن تكبد القطاع خسائر قاربت 1.5 مليار شيكل في نهاية 2022. لكن في المقابل شهدت السنوات الأخيرة انخفاضًا في سرقات السيارات وحجم المطالبات. أمام هذه المعطيات، أعلنت سلطة سوق المال أنها ستراجع العلاقة بين الأقساط التي يدفعها الزبائن ومستوى المخاطر الفعلي لهم، وقد طالبت تسع شركات بتبرير سياسات التسعير لديها.
جزء آخر من التقرير يسلط الضوء على “הפול”، وهو الكيان الذي يؤمّن المركبات التي ترفض شركات التأمين تغطيتها، وأبرزها الدراجات النارية. قيمة التعويضات المدفوعة في هذا القطاع بلغت 827 مليون شيكل في 2024، في حين أن أقساط التأمين التي دفعها أصحاب الدراجات النارية لم تتجاوز 360 مليون شيكل. الفارق، وهو نحو 467 مليون شيكل، تم تغطيته عبر “הפול”، أي من مجموع شركات التأمين وسائر الزبائن في السوق، في إطار آلية الدعم المتبادل، حتى لا يُثقل العبء المالي على أصحاب الدراجات وحدهم.

القروض المضمونة
التقرير يلفت أيضًا إلى تراجع في استخدام القروض المضمونة بالتوفير طويل الأمد. هذه القروض عادة أقل تكلفة لأنها تعتمد على توفيرات الزبون نفسها كضمانة. إلا أن الجمهور لا يستغل هذه الإمكانية بشكل كافٍ، مفضّلًا اللجوء إلى قروض أغلى.
في صناديق التوفير مثلًا، انخفض حجم القروض من 21.7 مليار شيكل عام 2022 إلى 14.4 مليار شيكل عام 2024، فيما لوحظ انخفاض مماثل قروض المضمونة بأموال التأمين على الحياة، مقابل ارتفاع طفيف في تلك المضمونة بأموال صناديق التقاعد.
عمولات وكلاء التأمين
كذلك، ارتفع عدد وكلاء التأمين إلى 11,372 في 2024، بينما قفزت عمولاتهم بنسبة 16% لتصل إلى 2.6 مليار شيكل في التوفير والتقاعد. 14% من الوكالات سجلت إيرادات تفوق 5 ملايين شيكل، و14% من الوكلاء تجاوزت أرباحهم المليون شيكل.
في المقابل، استمر عدد المستشارين التقاعديين في الانخفاض ليصل إلى 408 فقط، وهو مؤشر مقلق نظرًا لأن هؤلاء المستشارين يُعتبرون أكثر حيادية لأنهم يتقاضون أتعابهم مباشرة من الزبائن، خلافًا للوكلاء الذين يعملون بالعمولة.
شكاوى الجمهور
ولم يخلُ التقرير من جانب شكاوى الجمهور. فقد تلقت سلطة سوق المال 17.6 ألف شكوى في 2024، بزيادة 10% عن العام السابق. أكثر من 10.4 آلاف شكوى كانت ضد شركات التأمين في قضايا متنوعة، فيما تجاوز عدد الشكاوى ضد صناديق التوفير والتقاعد 4,600، وحوالي 1,700 شكوى ضد الوكلاء. من بين الشكاوى التي أُغلقت، حصل 32% من المتضررين في قضايا التأمين و56% من أصحاب الشكاوى في قضايا التوفير على تعويضات أو حلول، بإجمالي 19 مليون شيكل. هذه الأرقام تعكس صورة واقعية للتوتر القائم بين الزبائن والشركات.
من ناحية الإجراءات التنظيمية، فرضت سلطة سوق المال غرامات بقيمة 3.1 مليون شيكل على شركات تأمين ووكلاء وجهات تمويل خارجي. شركة أيلون كانت الأكثر تضررًا بغرامة بلغت 800 ألف شيكل بسبب تجاوزات في ملفات تقييم الأضرار بمركباتها بين 2018 و2021.











