
تتصاعد التوقعات مؤخرًا حول مستقبل محركات البحث في العالم، مع بروز تقنيات الذكاء الاصطناعي وفي مقدمتها شات جي بي تي، الذي بدأ كثيرون يطرحونه كبديل محتمل لهيمنة محرك البحث غوغل المستمرة منذ أكثر من عشرين عامًا. ورغم هذه التحولات المتسارعة، فإن غوغل لا يزال يحتفظ بفارق هائل في عدد عمليات البحث اليومية يجعل تجاوز مهمة صعبة في الوقت الحالي، بحسب ما أظهره تقرير حديث لموقع “phonearena”.
وتشير بيانات شركة NP Digital إلى أن غوغل تعالج يوميًا ما يقارب 13.5 مليار عملية بحث حول العالم، في حين لا تزال عمليات البحث عبر شات جي بي تي لا تتجاوز مليار عملية بحث يومية فقط. ورغم أن هذا الرقم يُعد إنجازًا كبيرًا لمنصة حديثة العهد نسبيًا، إلا أن الهوة بينها وبين غوغل توضح أن المنافسة الحقيقية لا تزال في بداياتها الأولى.
بحسب التصنيفات العالمية لعدد عمليات البحث، يحتل شات جي بي تي اليوم المركز الثاني عشر عالميًا، متساويًا مع تطبيق تيك توك. في المقابل، تأتي منصة إنستغرام في المركز الثاني بعد غوغل بـ6.5 مليار عملية بحث يومية، تليها محرك بايدو الصيني بـ5 مليارات، ثم سناب شات بـ4 مليارات، وأمازون بـ3.5 مليار عملية بحث يومية.
رغم هذا الفارق الكبير، فإن سرعة نمو شات جي بي تي لافتة للنظر. فقد تمكن من الوصول إلى حاجز المليار عملية بحث يوميًا بوتيرة تفوق غوغل بـ5.5 مرات، وهو ما يعكس تحولا في سلوك المستخدمين واعتمادهم المتزايد على منصات الذكاء الاصطناعي.
وتكشف الأرقام أن نحو 60% من عمليات البحث على غوغل تنتهي من دون أي نقرة على روابط النتائج، بفضل استخدامه المكثف للمقتطفات الذكية وخاصية ونافذة الإجابات عبر الذكاء الاصطناعي التي تقدم للمستخدمين إجابات فورية دون الحاجة للدخول إلى المواقع، وهو ما يضر بالمواقع ويقلل الوصول إليها.
يرى التقرير أن الخطوة الحاسمة التي قد تعزز مكانة شات جي بي تي كمحرك بحث منافس ستكون في مدى قدرته على الاندماج العميق مع المتصفحات والأجهزة الذكية. وفي هذا السياق بدأت غوغل بالفعل في استبدال مساعدها الرقمي التقليدي بمساعد جديد مدعوم بنموذج “جيميني” القائم على الذكاء الاصطناعي القادر على تنفيذ المهام اليومية مثل ضبط المنبهات وتنظيم المواعيد.
أما على أجهزة آيفون، فقد تم دمج شات جي بي تي بشكل محدود مع المساعد الصوتي سيري، بحيث يقدم إجابات من الذكاء الاصطناعي في الحالات التي يعجز فيها سيري عن تقديم رد مناسب، وذلك بموافقة المستخدم.
رغم الطفرات التقنية التي تحققها منصات الذكاء الاصطناعي يومًا بعد يوم، إلا أن التحدي الأكبر لا يزال يتمثل في كسب ثقة شريحة واسعة من المستخدمين التقليديين الذين ما زالوا يعتبرون غوغل الوجهة الأساسية للبحث عن المعلومات. ومع ذلك، فإن وتيرة التطور الحالية قد تجعل من شات جي بي تي وغيره من أدوات الذكاء الاصطناعي منافسين حقيقيين في المستقبل القريب، بما يهدد احتكار غوغل الطويل لهذه السوق.
مقالات ذات صلة: بقيمة 10 مليار دولار: “ميتا” تدرس أكبر استثمار في تاريخها بمجال الذكاء الاصطناعي











