/
/
تعارضه تركيا: “سكة السلام” لربط أبوظبي بميناء حيفا مرورًا بالسعودية والأردن

تعارضه تركيا: “سكة السلام” لربط أبوظبي بميناء حيفا مرورًا بالسعودية والأردن

عاد المشروع إلى الواجهة بعد أن زارت ريغيف الإمارات سرًّا.
أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
مدينة حيفا، الصورة: ويكيميديا
مدينة حيفا، الصورة: ويكيميديا

 

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أن وزيرة المواصلات، ميري ريغيف، أجرت زيارة سرية إلى دولة الإمارات، التقت خلالها مسؤولين كبارًا في هيئة السكك الحديدية بهدف إعادة إحياء مشروع “سكة السلام” الذي يربط أبوظبي بميناء حيفا مرورًا بالسعودية والأردن. الزيارة جرت بعيدًا عن الإعلام وبعكس زياراتها السابقة التي كانت تنشر صورها فورًا، ما أثار تساؤلات حول طبيعة النقاشات الجارية ولماذا يُدار الملف بسرية كاملة.

وبحسب الصحيفة، جاءت الاجتماعات في لحظة تتصاعد فيها المنافسة الدولية على السيطرة على طرق التجارة الجديدة بين آسيا وأوروبا، بينما تحاول دول عدة، أبرزها تركيا وفرنسا، الدفع بمسارات بديلة تتجاوز إسرائيل. ورغم توقف المشروع سياسيًا منذ الحرب على غزة قبل عامين، إلا أن الإمارات واصلت اتصالاتها مع الهند والسعودية والأردن حول مستقبل الربط البري – البحري، في مؤشر على أن الفكرة لم تُجمد اقتصاديًا.

يثير المشروع اعتراض تركيا، التي تدفع مع فرنسا مشروعًا بديلًا يمرّ بسوريا إلى الموانئ اللبنانية

المشروع يقوم على نقل البضائع القادمة من الهند إلى ميناء أبوظبي، ثم نقلها عبر خط سكك حديد سريع يمر بدبي والسعودية والأردن وصولًا إلى ميناء حيفا، حيث تُشحَن بحرًا إلى أوروبا والولايات المتحدة. هذا النموذج يربط النقل البحري بالمسار البري ويعيد تنظيم حركة التجارة بين جنوب آسيا والمتوسط عبر طريق أقصر من المسارات التقليدية. وتعتبر إسرائيل أن “سكة السلام” جزء أساسي من الممر الاقتصادي الهندي – الشرق أوسطي – الأوروبي الذي أُعلن في قمة العشرين عام 2023، والذي يشمل شبكات سكك حديدية وموانئ واتصالات وطاقة.

وترى إسرائيل في المشروع “فرصة استراتيجية” لإعادة تشكيل موقعها داخل منظومة التجارة العالمية، فالمسار يمنح ميناء حيفا دورًا لوجستيًا متقدمًا، ويزيد من قدرته على جذب شركات الشحن ويُعزز الاستثمارات في الموانئ، كما يقلل من أثر الاضطرابات المتكررة في البحر الأحمر على حركة البضائع. وتعتبر تل أبيب أن هذه المكاسب لا ترتبط فقط بالعائدات المالية، بل بما تخلقه من ترابط اقتصادي مع دول الخليج يجعل فكّ الارتباط التجاري أمرًا صعبًا حتى لو تراجعت مسارات التطبيع سياسيًا.

وتتخوف إسرائيل من مسارات بديلة تدفع بها تركيا وفرنسا، تعتمد على مرور الممر عبر سورية ولبنان بدلًا من حيفا. وترى الصحيفة أن نجاح “المسار الشمالي” سيكون ضربة قاسية لإسرائيل، لأنه يقلل من قيمة البنى التحتية البحرية والبرية التي استثمرت فيها خلال السنوات الأخيرة، ويضعف حضورها في خطوط التجارة بين آسيا وأوروبا.

ميناء طرابلس في لبنان قد يكون بديلًا لميناء حيفا، الصورة: ويكيمديا
ميناء طرابلس في لبنان قد يكون بديلًا لميناء حيفا، الصورة: ويكيمديا

 

وفي المقابل، توضح صحيفة يديعوت أحرونوت أن الإمارات ظلت خلال العامين الماضيين متمسكة بفكرة الربط اللوجستي، في رسالة مفادها أن المشروع بالنسبة إليها ليس مبادرة سياسية ظرفية، بل مشروع بنية تحتية طويل المدى. أما السعودية فترى في المسار فرصة تتماشى مع رؤية 2030 لتحويل موقعها إلى محور عبور رئيسي، إضافة إلى كونه بديلًا آمنًا في أوقات اضطراب البحر الأحمر حيث ارتفعت تكاليف التأمين وتأخر الشحن البحري مؤخرًا.

المسألة الأكثر حساسية في النقاشات حول المشروع تتمحور حول موقع نقطة الربط داخل الأراضي الأردنية، إذ تفضّل الإمارات مسارًا ينتهي عند منطقة البحر الميت باعتباره أقصر وأقل كلفة، فيما تسعى إسرائيل لدفع نقطة الربط شمالًا قرب وادي الأردن لمنح ميناء حيفا أفضلية تشغيلية وتحكّمًا أكبر في الجزء الأخير من الممر.

الأردن يوازن بدقة بين الاعتبارات الاقتصادية والسياسية. فهو يدرك المكاسب المحتملة من رسوم الترانزيت والاستثمارات المرتبطة بالمشروع، لكنه في الوقت ذاته لا يريد الدخول في صيغة قد تُفسَّر كاصطفاف سياسي إلى جانب طرف إقليمي ضد آخر. ولذا، وبحسب القناة 12، ترفض عمّان تثبيت أي مسار قبل الحصول على ضمانات سياسية واضحة تتعلق بالسيادة وطبيعة إدارة الممر.

وتشير التقارير إلى أن التحديات التي تواجه المشروع ضخمة، وأن جغرافيته السياسية قد تكون أخطر من تفاصيله اللوجستية. فالمسار يمر في مناطق تشهد توترًا سياسيًا وعسكريًا متكررًا، من الحدود الأردنية التي تديرها عمّان بحساسية عالية، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تواجه اضطرابات مستمرة، وصولًا إلى الخليج الذي يتأثر مباشرة بتقلبات البحر الأحمر. وتلفت التقارير إلى أن أي حرب جديدة في غزة أو تصعيد مع لبنان بإمكانه تجميد المفاوضات فورًا، وهو ما حدث سابقًا حين توقف المشروع عامين كاملين بعد اندلاع الحرب.

أما التحديات الإدارية والأمنية، فتشمل الحاجة إلى تنسيق عالٍ بين الدول، سواء في حماية الخط السككي أو في إدارة حركة البضائع والسيطرة على نقاط العبور. ووفق تقارير عبرية، فإن هذه الملفات “غير جاهزة بعد”، خصوصًا في ظل غياب آليات مشتركة لتبادل المعلومات وضمان أمن الممر. وتشير مؤسسة “أوبزرفر” الهندية إلى أن أي تصعيد إقليمي قد يعيد رسم خريطة الممرات بالكامل ويعرّض الاستثمارات للتجميد.

مقالات ذات صلة: الدول العربية في مقدمة المشترين: قفزة كبيرة في مبيعات الأسلحة الإسرائيلية

مقالات مختارة