
مع بداية هذا الأسبوع، بدأت وزيرة المواصلات ميري ريغيف الترويج لخطوة جديدة تهدف إلى السماح لشركة Uber بالعمل في إسرائيل. هذه الخطوة التي بدت على السطح كإصلاح ثوري في سوق المواصلات، سرعان ما تحولت إلى مصدر جدل كبير، إذ أثارت غضب سائقي التاكسي الذين اتهموا الوزيرة بمحاولة كسب مكاسب سياسية على حسابهم، و”تبييض أنشطة غير قانونية قائمة منذ سنوات”.
بحسب تقرير لموقع غلوبس، تبحث ريغيف منذ فترة عن إنجاز سياسي بارز تستطيع تقديمه قبل الانتخابات، إذ إن طبيعة وزارة المواصلات لا تسمح عادة بإنجازات سريعة؛ مشاريع البنية التحتية الكبرى مثل القطارات والمترو تستغرق سنوات طويلة وتتعرض في الغالب للتأجيلات وتضخم التكاليف. لذلك ظهرت الوزيرة في الأشهر الأخيرة مع وعود لسكة حديد جديدة في كريات شمونة رغم غياب ميزانية للتنفيذ، وبإطلاق فكرة شبكة حافلات سريعة في مختلف المدن رغم أن التمويل اقتصر على مرحلة التخطيط فقط، كما أنها شاركت في وضع حجر الأساس لمشروع المترو الذي سبق أن عارضته.
حتى الآن فالرخصة لم تُمنح بعد، والخطة ما زالت في مراحلها الأولى، حيث لم يتجاوز الأمر تشكيل طاقم مهني في وزارة المواصلات سيجتمع مع ممثلي Uber وLyft (تطبيق النقل المنافس لأوبر) لدراسة جدوى إدخالهما. بمعنى آخر، الحديث لا يتعدى كونه إعلانًا سياسيًا أكثر من كونه إصلاحًا حقيقيًا في هذه المرحلة.
الملف ليس جديدًا بحسب غلوبس، إذ شهدت السنوات الماضية محاولات سابقة لفتح السوق أمام Uber. ففي عام 2016، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، التقت الشركة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلا أن وزير المواصلات حينها، يسرائيل كاتس، عارض بشدة دخولها، مستندًا إلى قوة نفوذ سائقي التاكسي داخل حزب الليكود، وقد أشارت التقديرات حينها إلى أن إدخال Uber سيتطلب تعويضًا ضخمًا يصل إلى نحو 8 مليارات شيكل لسائقي التاكسي الذين دفعوا مئات آلاف الشواكل مقابل رخصهم.
إلى جانب الضغوط السياسية، تبرز أيضًا معطيات مقلقة من تجارب دولية: دراسات عديدة أظهرت أن دخول Uber لم يحل مشكلة الازدحامات بل زادها تعقيدًا، لأن السائقين يقضون وقتًا أطول في الطرق بانتظار ركاب جدد، فيما يستبدل كثير من المستخدمين المواصلات العامة بخدمات التطبيق، ما يعني في المحصلة زيادة السيارات على الطرق بدل تقليلها.

الصراع بين وزارة المواصلات وسائقي التاكسي يتفاقم على أكثر من جبهة. فهناك خلاف حاد بينهما حول أسعار النقل عبر التكاسي، التي خُفِضَت داخل المدن بنسبة تقارب 5%، بينما زادت الكلفة بمقدار 1.5 شيكل لكل كيلومتر بعد أول 10 كيلومترات. هذه المعادلة أغضبت السائقين الذين حذروا من أنهم سينتقمون من الوزيرة في انتخابات الليكود.
فوق ذلك، يعاني السائقون من منافسة غير قانونية تعرف بظاهرة “الدرایفرز” داخل المجتمع الحريدي، حيث ينقل بعض السائقين ركابًا عبر مجموعات واتساب وتلغرام مقابل الدفع نقدًا، من دون تراخيص.
رد فعل اتحاد السائقين
رد الفعل النقابي كان حادًا. إذ اتهم زوهار غولان، رئيس اتحاد السائقين في منتدى العمال المستقلين التابع للهستدروت، الوزيرةَ بأنها تحاول عبر Uber خدمة جمهور محدد من الناخبين المحتملين، وبخاصة المجتمع الحريدي، معتبرًا أن هذه الخطوة ليست سوى مناورة انتخابية وليست إصلاحًا حقيقيًا لصالح المواصلات العامة. بحسب تعبيره: “ريغيف لا تهتم بتحسين وضع المواصلات العامة بل تسعى لاستغلال بوابة خلفية لشرعنة مخالفين مقابل مكاسب سياسية شخصية”.
في الوقت نفسه، وبينما تنشغل وزارة المواصلات بإعلانات مثيرة للجدل، تكشف المعطيات الحكومية بحسب غلوبس عن صورة قاتمة، فسرعة المواصلات العامة في تل أبيب والقدس تراجعت في العام الأخير، والاستثمار في خطوط مخصصة للباصات لا تتجاوز 400 مليون شيكل سنويًا، رغم أن خطة خماسية أُقرت عام 2022 بميزانية 6 مليارات شيكل. كذلك، 250 مليون شيكل خُصصت لتحسين خطوط الباصات لم تُنفذ حتى الآن، رغم أننا في الربع الأخير من السنة. في ظل هذه الأوضاع، من المتوقع أن سيارات Uber لن تكون سوى جزء من أزمة الازدحام نفسها ولن تقدم حلًا حقيقيًا.
مقالات ذات صلة: سلال حيفا: “أفران معلّقة” في الهواء تُبخّر وعود وزارة المواصلات











