كشف تقرير التعليم السنوي الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) صورة مقلقة عن وضع جهاز التعليم في إسرائيل، مسلطًا الضوء على النقص الكبير في المعلمين المؤهلين، والاكتظاظ في الصفوف، والتفاوت في مستويات التحصيل والإنفاق التعليمي. التقرير، الذي تزامن مع افتتاح العام الدراسي الجديد، أظهر أن ما يحدث في إسرائيل ليس استثناءً عالميًا، بل جزء من أزمة أوسع تواجه العديد من الدول المتقدمة، لكن الوضع أشد سوءًا في إسرائيل.

نقص المعلمين المؤهلين
بحسب التقرير، المشكلة المركزية ليست في غياب معلمين لشغل الوظائف، بل في أن نسبة ليست صغيرة منهم لا تستوفي معايير التأهيل المطلوبة في دول الـOECD. ففي المدارس الإعدادية والثانوية يبلغ المعدل العالمي للمعلمين غير المؤهلين 7.1%، وفي المدارس الابتدائية 5.6%. أما في إسرائيل فالنسب أعلى: 7.9% في المرحلة الإعدادية والثانوية و6% في الابتدائية.
توضح المعطيات أن بعض المعلمين في إسرائيل يحملون شهادة جامعية لكنهم لم يستكملوا التدريب الإلزامي للتدريس، أو العكس: لديهم تأهيل تربوي لكنهم بلا شهادة جامعية، أو أنهم متخصصون في مجال معين لكنهم يدرّسون تخصصات مختلفة.
بيانات دائرة الإحصاء المركزية تكشف أن الوضع أسوأ بكثير في بعض المواد. ففي المرحلة الابتدائية، 73% من معلمي اللغة العبرية ليسوا مؤهلين رسميًا لتدريسها. وفي الرياضيات، نحو 60% من المعلمين لا يستوفون متطلبات الحد الأدنى مثل لقب أول في التعليم أو تدريب في تدريس الرياضيات. أما في اللغة الإنجليزية، فحوالي ربع معلمي الابتدائية لا يستوفون الشروط. في المدارس الثانوية، أكثر من 26% من معلمي اللغة والأدب غير مؤهلين بالكامل، إضافة إلى 13% في الرياضيات و18.5% في الإنجليزية.
أزمة المعلّمين المبتدئين
رغم أن بيانات الـOECD تُظهر أن نسبة المعلمين الذين يغادرون جهاز التعليم في إسرائيل منخفضة نسبيًا — نحو 2% فقط سنويًا في المرحلة الابتدائية، مقابل متوسط 5.8% في دول المنظمة — إلا أن الصورة تتغير عند استثناء من يتقاعدون بعد سنوات طويلة من العمل. فعندما ننظر فقط إلى من يستقيلون لوحدهم، يتضح أن معظمهم من المعلمين الجدد الذين لا تتجاوز خبرتهم خمس سنوات، إذ تصل نسبتهم إلى 68% من مجمل المستقيلين، وهي الأعلى بين الدول التي شملها التقرير، مقارنة بـ16% فقط في الدنمارك. التقرير يؤكد أن غياب الدعم والتوجيه في بداية المسيرة المهنية يزيد من احتمالات ترك المهنة، ويوصي بتعزيز برامج الحاضنة والتطوير المهني المستمر للمعلمين المبتدئين.
وزارة المالية في إسرائيل تباهت مؤخرًا بزيادات أجور المعلّمين الجدد، لكن رغم ذلك بقيت الفجوة كبيرة بينهم وبين المعلّمين القدامى. بيانات الوزارة للعام 2024 أظهرت أن معلّمًا بخبرة 36 عامًا يتقاضى في المتوسط أجرًا يعادل 2.9 ضعف راتب المعلّم الجديد، بعدما كان الفارق 3.2 ضعف في العام السابق.
الاكتظاظ في الصفوف
التقرير يبرز أيضًا مشكلة الاكتظاظ. ففي 2023 بلغ متوسط عدد الطلاب في الصفوف الابتدائية 27.4 طالبًا، مقابل 20.6 طالبًا في المتوسط بدول OECD، أي أكثر بنسبة 33%. الوضع أشد سوءًا في الإعداديات، حيث وصل المتوسط في إسرائيل إلى 30.1 طالبًا، مقارنة بـ23 طالبًا فقط في دول OECD، أي أعلى بنسبة 31%. هذه الأرقام تجعل إسرائيل في المرتبة الثانية من حيث اكتظاظ الصفوف الابتدائية، والثالثة في المرحلة الإعدادية.

الإنفاق على التعليم
على صعيد التمويل، أظهر التقرير أن الإنفاق الحكومي على التعليم المبكر (0–2 سنة) في إسرائيل لا يتجاوز 1,225 دولارًا للطفل سنويًا (بعد احتساب القدرة الشرائية)، مقارنة بمتوسط 14,400 دولار في دول OECD، أي أقل بنحو 12 مرة. في النرويج وفنلندا يتخطى الإنفاق 34 ألف دولار، أي 28 ضعف إسرائيل. المشاركة الحكومية في التكلفة تمثل فقط 28% في إسرائيل، بينما تبلغ 78% في المتوسط، ما يجعل العبء الأكبر على الأسر.
المفارقة أن 58% من الأطفال دون سن الثانية في البلاد ملتحقون بروضات وحضانات، وهي نسبة أعلى بمرتين من نظيراتها لدى دول OECD وتضع إسرائيل في المرتبة الرابعة، لكن بتمويل شخصي من الأهالي في الغالب.
كما أن متوسط الإنفاق الحكومي على الطالب سنويًا في مختلف المراحل الدراسية وصل إلى 9,659 دولارًا (بعد احتساب القدرة الشرائية)، أي 82% فقط من متوسط دول المنظمة البالغ 11,843 دولارًا. أما بالنسبة للطلاب الجامعيين، فالإنفاق الحكومي يبلغ 7,311 دولارًا، أي أقل من نصف المتوسط البالغ 15,102 دولار.
مقالات ذات صلة: تقرير رواتب المعلمين: 7,500 شيكل للمعلم الجديد و30 ألف للمدير











