/
/
“دكتور ChatGPT”: هل يُمكن أن تثق بالذكاء الاصطناعي عندما يتعلق الأمر بصحتك؟

“دكتور ChatGPT”: هل يُمكن أن تثق بالذكاء الاصطناعي عندما يتعلق الأمر بصحتك؟

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands

3a1e8975 6041 4a87 9cac bf96caefd01b

في الآونة الأخيرة، بدأ عدد متزايد من المرضى يلجؤون إلى أدوات الذكاء الاصطناعي للحصول على معلومات طبية وتقييم أوضاعهم الصحية، بعد أن اعتادوا سابقاً البحث عبر محركات البحث. هذا التحول هو داءٌ ودواء معًا، فمن ناحية يفتح آفاقاً واسعة للاستفادة الطبية، لكنه، من ناحية أخرى، يحمل مخاطر لا يمكن تجاهلها.

على سبيل المثال، تشير الدراسات في إسرائيل إلى أن نحو 18% من المواطنين أصبحوا يعتمدون على الذكاء الاصطناعي للحصول على معلومات طبية أولية، بحسب موقع غلوبس، وهو ما يضع الأطباء أمام تحدٍّ جديد بعدما قضوا سنوات يتعاملون مع ظاهرة “دكتور غوغل”.

ومن الحالات الإيجابية لصحية للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، هي الحالة التي سلطت عليها الأضواء مؤخرًا لطفل في الولايات المتحدة. فبعد أن فشل 17 طبيباً في تشخيص مشكلته الصحية على مدار ثلاث سنوات، قامت والدته بتجميع كافة بياناته وتقاريره الطبية ورفعتها لأحد مواقع الذكاء الاصطناعي، الذي قام، خلال وقت قصير، بتقديم مجموعة من الاحتمالات التي قادت أخيراً إلى تشخيص دقيق، أفضى إلى خضوع الطفل لعملية جراحية ناجحة وتحسن حالته بشكل كبير.

في حالة أخرى، لجأ شخص إلى أداة الذكاء الاصطناعي عندما ظهر على والده طفح جلدي مقلق وكان موعد الطبيب بعد أكثر من شهرين. إذ قدّم الابن للذكاء الاصطناعي وصفًا للحالة وصوراً دقيقة، وطلب منه ترتيب التشخيصات المتوقعة وفق درجة احتمالها مع شرح الأسباب والمراجع المعتمدة. وبفضل الاقتراحات المقدمة، تحسنت حالة المريض خلال عشرة أيام فقط.

وفي بعض الحالات الإيجابية، ساعد الذكاء الاصطناعي المرضى في تحليل تداخل الأدوية. فعلى سبيل المثال، تمكّنت سيدة تعاني من مشكلات في الخصوبة من اكتشاف أن الأعراض الجانبية التي تعاني منها سببها مادة غير فعالة مشتركة بين أدويتها، واقترح الذكاء الاصطناعي بديلاً خالياً من هذه المادة، وهو ما ناقشته مع طبيبها لتعديل الخطة العلاجية.

الاستخدام الخطير للذكاء الاصطناعي في التشخيص الطبي

لكن ليس كل استخدام للذكاء الاصطناعي في توصيف الحالية الطبية يتكلل بالنجاح. ففي بعض الحالات، قد يسيء المرضى تفسير النتائج التي يحصلون عليها من الذكاء الاصطناعي، خاصة عند تحليل فحوصات مخبرية دون توفير السياق الطبي الشامل، ومعلوماتهم الصحية الخاصة، وتفاصيل كالعمر والجنس والوزن والأدوية التي يأخذونها.

وفي بعض الأحيان يخبر الذكاء الاصطناعي المريض بأسوأ الاحتمالات الممكنة لفحوصاته الصحية، مثيرًا الذعر لديه، ومسببًا له حالة من الخوف المفرط تُعرَف طبيًا بـ”السايبركوندريا”، أي قلق مفرط نتيجة التشخيصات الرقمية غير الدقيقة.

وفي حوادث أخرى أكثر خطورة، لجأ بعض المرضى إلى إيقاف أدويتهم أو تناول مكملات غذائية دون استشارة الطبيب بناء على توصيات من الذكاء الاصطناعي. ففي إحدى الحالات، تناولت سيدة مكملات من المغنيسيوم والكالسيوم بناء على اقتراح الذكاء الاصطناعي لتكتشف لاحقاً إصابتها بالتسمم.

الأطباء يتحدثون

ورغم هذه المخاطر، يوضح الأطباء أن الذكاء الاصطناعي قد يقدّم فائدة مهمة عند استخدامه بشكل منضبط. فهو يساعد الكثير من المرضى في تنظيم ملفاتهم الطبية، وتجميع المعلومات وتلخيصها بدقة قبل العرض على الطبيب، إضافة إلى تقديم تشخيص مكتوب بطريقة واضحة وعلمية لحالتهم لعرضه على طبيبهم، ما يوفر الوقت أثناء الاستشارة ويجعل الحوار مع الطبيب أكثر تركيزاً وفاعلية. كما يساهم الذكاء الاصطناعي في ترجمة المصطلحات الطبية المعقدة إلى لغة بسيطة يسهل على المريض فهمها، فيتعزز من وعيه بحالته الصحية.

وينصح أحد الأطباء في حديثه مع موقع غلوبس بأن لا يقوم المريض بقراءة نتائج الفحوصات أو تفسيرها عبر الذكاء الاصطناعي بشكل منفرد. وأنه من الأفضل الطلب من الذكاء الاصطناعي أن يلعب دور “الطبيب المحاور”، بحيث يطرح على المريض أسئلة مشابهة لما يطرحه الأطباء عليه لتجميع المعلومات الصحية  بشكل متسلسل قبل عرضها على الطبيب البشري المختص.

ورغم أن بعض الأطباء يبدون انزعاجاً عندما يحضر إليهم المريض بتحليلات واقتراحات من الذكاء الاصطناعي، إلا أن التعامل المهني يفرض الاستماع إلى المعلومات الأولية التي يجلبها المريض ثم مقارنتها بالحقائق الطبية القائمة واتخاذ القرار المناسب. ويؤكد المختصون أن الاستخدام السليم لهذه الأدوات يمكن أن يكون داعماً للقرار الطبي وليس بديلاً عنه.

وفي المحصلة، فإن الذكاء الاصطناعي يتحول إلى شريك إضافي في العملية العلاجية، لكن نجاح هذا الشريك يعتمد على وعي المريض بكيفية استخدامه دون أن يغفل أهمية التشخيص المباشر من الأطباء المختصين، الذين يمتلكون القدرة على قراءة الحالة الطبية كاملة ضمن سياقها البيولوجي والنفسي والاجتماعي، وبوسعهم توفير الدعم الإنساني والعاطفي الذي يفتقر إليه الذكاء الاصطناعي.

مقالات ذات صلة: بسبب الذكاء الاصطناعي: انخفاض بنسبة 25% في توظيف الخريجين الجدد في شركات الهايتك

مقالات مختارة