/
/
ماذا نفعل الآن؟ ثلاث خطوات عملية في زمن عدم اليقين الاقتصادي

ماذا نفعل الآن؟ ثلاث خطوات عملية في زمن عدم اليقين الاقتصادي

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands

في مطلع السنة بدا وكأن السوق الأمريكية في حالة انهيار، وسادت مشاعر الخوف عند الجميع! تصريحات دراماتيكية حول الرسوم الجمركية، حروب متواصلة، ملاحقة المهاجرين وطردهم، فوائد عالية، وباختصار حالة من عدم اليقين والغموض.

5978f69a 2383 44ea aa19 4fa58844e6f1
الا الكلعي، تصوير: إيلان بسور

 الا الكلعي، مديرة في بيت الاستثمار IBI

تعيش الأسواق المالية في كل العالم منذ مطلع العام الحالي حالة من التوتر والتقلبات الحادة، زاد من حدتها عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى واجهة المشهد السياسي. قراراته وتصريحاته – التي تأتي أحيانًا مفاجئة وصادمة – باتت كفيلة بإشعال موجات من الاضطراب في البورصات الأمريكية والعالمية، وكأن الأسواق رهينة لمزاجه وتقلباته. في كل مرة يتحرك فيها ترامب، تهتز المؤشرات صعودًا أو هبوطًا، تاركة المستثمرين في حالة دائمة من الحيرة: هل حان وقت البيع؟ هل نستمر في التمسك باستثماراتنا؟ أم أن الأفق يحمل مزيدًا من المفاجآت؟

هذه الأسئلة لا تخص المستثمرين الكبار فقط، بل تمس كل شخص يدير مدخراته في صناديق استثمار أو حسابات تقاعد أو حتى توفيرات بنكية مرتبطة بسوق المال. في عالم تزداد فيه الأخبار المفاجئة، وتكثر فيه الأزمات من حروب إلى أوبئة إلى أزمات اقتصادية، لم تعد حالة “عدم اليقين” حالة استثنائية، بل أصبحت الوضع الطبيعي الجديد. وهنا، تبرز الحاجة إلى إدارة حكيمة للأموال، لا تبحث عن التنبؤ بالمستقبل، بل تركز على بناء استراتيجية صلبة قادرة على الصمود أمام العواصف.

عندما هبطت الأسواق، كنتم تعلمون أنكم بين المطرقة والسندان، لأنه طالما لم تبيعوا فالخسارة ما تزال على الورق. أما إذا بعتم، ستصبح الخسارة حقيقية، وإذا لم تبيعوا فهناك احتمال أن يتعافى السوق، لكن في الوقت ذاته هناك خطر بأن تزيد الخسارة لاحقًا. وهذا هو الحال في كلّ يوم، فهناك احتمال أن ترتفع الأسواق وهناك خطر أن تهبط. في عام 2024 كان “القطيع” يسير باتجاه واحد (صعوداً)، ثم جاء عام 2025 فتغيرّ الاتجاه (هبوطاً).

يشعر كثير من الناس بالخوف من حالة عدم اليقين، ومن أنهم لا يستطيعون التنبؤ بخطوة ترمب القادمة. وهم محقّون بأنه لا يمكن التنبؤ بخطوته التالية، لكنهم مخطئون في الاعتقاد بأن حالة عدم اليقين اليوم أكبر من حالة عدم اليقين بالأمس. فلنتذكر أحداث السنوات الماضية، من جائحة الكورونا، إلى حرب روسيا وأوكرانيا، إلى التضخم، والسابع من أكتوبر، وتفجيرات البيجر، وحتى انتخاب ترامب رئيسًا، وغيرها. هذا هو الحال دائمًا، فليس لدينا أي قدرة على التنبؤ بما سيحدث غدًا صباحًا وكيف سيؤثر ذلك على الأسواق.

الواقع المؤلم هو أنه رغم كل التقدّم، لا نزال عاجزين عن التنبؤ بما سيحدث غدًا صباحًا. والحل الذي يقدمه السوق لهذه المعضلة هو وضع استراتيجية عمل والالتزام بها. لكل هدف مالي نحدده، هناك عدة خطوات من المهم القيام بها:

  1. تحديد نسبة المخاطرة المناسبة لي، أي ما هي النسبة التي ستُستثمر بطريقة تُنمّي رأس المال، وما هي النسبة التي ستُستثمر بطريقة تحافظ عليه.
  2. الحفاظ على مستوى عالٍ من التنويع، أي تقليل التعرّض لأصل معين، أو قطاع معين، أو منطقة جغرافية معينة، أو عملة (باستثناء العملة الأساسية) وما إلى ذلك.
  3. الحفاظ دائما على توازن في المحفظة الاستثمارية، أي إذا ارتفع سوق الأسهم بشكل حاد، يجب بيع جزء من الأسهم للعودة إلى التوازن الذي حددناه، وإذا هبط السوق بشكل حاد، فيجب شراء أسهم للحفاظ على نسبة التعرّض بين الاستثمارات الآمنة والمضاربة. القرار دائما يعود لك.
stock
ليس لدينا أي قدرة على التنبؤ بما سيحدث غدًا صباحًا وكيف سيؤثر ذلك على الأسواق

الميزة في هذه الاستراتيجية هي أنه في كل لحظة تقريبًا توجد مكونات في محفظة الاستثمار ترتفع وأخرى تنخفض. وحققت محفظة تُدار بهذه الطريقة عائدًا أقل من مؤشرات الأسهم خلال فترات الارتفاع بسبب مكوّن السندات (אג”ח)، لكنها انخفضت بنسبة أقل من مؤشرات الأسهم منذ بداية العام بفضل مكوّن السندات (אג”ח).

نحن نميل إلى الاندفاع نحو الأسهم عندما يرتفع السوق، والهروب إلى سندات الدين (אג”ח) عندما ينخفض، لكن الحماية الأفضل لأي محفظة استثمارية هي ملاءمتها للهدف المالي الذي من المفترض أن تخدمه، وليس الاستجابة اللحظية لحالة السوق.

بالطبع يمكن إجراء تعديلات داخل كل فئة استثمارية، مثلًا: في فترات ارتفاع الفائدة من المنطقي زيادة التعرض للقطاعات التي تزداد مستويات أرباحها مع ارتفاع الفائدة، وتقليل التعرض للقطاعات التي تتأثر سلبًا بارتفاعها. اليوم، من المنطقي زيادة الاستثمارات في القطاعات التي لن تتضرر من الرسوم الجمركية، وتقليل الاستثمارات في القطاعات التي لها تعرّض مباشر وواضح لها. ومع ذلك، من الأفضل تنفيذ هذه التغييرات بشكل محدود، لأن قرار فرض الرسوم قابل للتراجع، والتقلب في هذه الأسهم قد يكون حادًا.

تُظهر تاريخ الأسواق المالية أن الانضباط، والاستمرارية، والتنوّع، هي أهم الأمور التي يجب على المستثمرين الالتزام بها، وعلى المدى الطويل تكون مجزية. وإذا لم تتصرف بهذه الطريقة حتى الآن، فإن التصحيح في الأسواق يوفّر فرصة جيدة لتصحيح تركيبة ومحتوى المحفظة.

________________________________

إخلاء مسؤولية: المعلومات المذكورة أعلاه هي لأغراض معلوماتية فقط، ولا ينبغي اعتبارها معلومات دقيقة أو كاملة تشمل جميع الجوانب المتعلقة بالأصول المالية المذكورة فيها. لا يشكل ما ورد أعلاه استشارة استثمارية أو تسويق استثمارات، ولا يعد بديلاً عن استشارة مهنية تأخذ في الاعتبار المعطيات والاحتياجات الخاصة بكل فرد. كما أنه لا يُعتبر استشارة أو توجيهًا مهنيًا في شؤون الضرائب أو في أي مجال آخر من قبل جهة مؤهلة لتقديم مثل هذه الخدمات. المعلومات الواردة أعلاه لا تشكل رأيًا، توصية، أو وجهة نظر بشأن جدوى أي استثمار، ولا يجب اعتبارها ضمانًا لأي عائد استثماري. لا تتحمل مجموعة IBI، أو شركة آي بي آي نيهول كرانوت نيئمنوت (1978) م.ض، أو أي من الشركات التابعة لها أي مسؤولية تجاه أي فرد أو كيان قانوني عن دقة المعلومات الواردة أعلاه أو عن أي ضرر قد ينشأ نتيجة استخدامها أو الاعتماد عليها. أي شخص يستخدم هذه المعلومات يفعل ذلك بناءً على قراره الشخصي وبمسؤوليته الكاملة.

مقالات مختارة