ما فائدة تخفيض أسعار المواصلات العامة إذا لم تكن هناك حافلات في البلدات العربية؟

أيقون موقع وصلة Wasla
روعي باراك
مُرَكز مجال المواصلات في جمعية "سيكوي-أفق"

إصلاح أسعار المواصلات العامة يمنح سكان البلدات العربية خصماً بنسبة 50% – لكن بدون خطوط حافلات سيجدون صعوبة في الاستفادة منه وسيستمرون بالاعتماد على سياراتهم الخاصة.

רועי ברק צלמת אנה רפופורט
روعي باراك، مُرَكّز مجال المواصلات في جمعية “سيكوي-أفق”

اختارت وزيرة المواصلات ميري ريغف تسمية إصلاح أسعار المواصلات العامة، الذي دخل إلى حيز التنفيذ قبل نحو أسبوعين -“العدالة في المواصلات”، ولكن العدالة ليست شعارًا فارغًا من المضمون تلقيه الوزيرة على مسامع المواطنين العرب، ومن أجل تحقيقها ثمة أمور يجب أن تُرى أيضًا، مثل محطة حافلات. . فعليًا، سكان البلدات العربية، المصنفة جميعها من 1-5 في المؤشر الاجتماعي-الاقتصادي، والذين يحتاجون ويستحقون خصومات كبيرة وفق معايير الإصلاح، سيجدون صعوبة في الاستفادة منها. لذلك، من أجل تحقيق عدالة حقيقية، كان من الأفضل استثمار المبالغ الكبيرة المخصصة للخصومات في تحسين البنية التحتية للطرق في البلدات العربية وزيادة وتيرة عمل الحافلات وعدد الخطوط.

بدأت المواصلات العامة المحلية في البلدات العربية فقط في العقد الماضي (منذ عام 2012) وما زالت الفجوات في مستوى الخدمة بينها وبين البلدات اليهودية كبيرة جداً، مما لا يسمح للسكان في البلدات العربية بالاعتماد على خدمة المواصلات العامة بشكل منتظم ومستمر. على سبيل المثال، في الطيبة، مدينة يسكنها نحو 40 ألف نسمة، يعمل خط محلي واحد فقط، وفي الطيرة المجاورة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 30 ألف نسمة، يعمل خطان محلّيان. كلتاهما حصلتا من وزارة المواصلات على تقييم 4 و5 من 100 في مؤشر مستوى خدمة المواصلات العامة. للمقارنة فقط، تخدم مدينة ديمونا، التي تماثلهما في عدد السكان، ما لا يقل عن 6 خطوط محلية و5 خطوط نقل للطلاب، حيث مؤشر الجودة الممنوح لها هو 22، أعلى بأضعاف من الطيرة والطيبة والعديد من البلدات العربية الأخرى.

لانخفاض مستوى الخدمة تداعيات كثيرة، بدءاً من الاعتماد الكبير على السيارات الخاصة، مما يؤدي إلى نفقات مالية عالية وحوادث طرق (ثلث القتلى كل عام هم مواطنون عرب) وأيضًا منالية محدودة في الوصول إلى مراكز العمل والتعليم العالي والخدمات الأساسية مثل الصحة والرفاه وغيرها. العائق الرئيسي الذي يمنع توسيع خدمة المواصلات العامة في البلدات العربية هو البنية التحتية المتهالكة للطرق. تتميز هذه البنية التحتية بطرق ضيقة تصعّب دخول الباصات  وغياب الأرصفة الذي يمنع إنشاء المحطات.

1024px Israel Tel Aviv Egged buses
الفجوة في مستوى المواصلات العامة بين البلدات العربية واليهودية كبيرة جداً، صورة توضيحية- المصدر: ويكيميديا

للتغلب على هذا العائق، في عام 2020 بادرت ميري ريغف نفسها لخطة لتحسين البنية التحتية للطرق في البلدات العربية. ونعم، هذه الخطة أيضاً أطلقت عليها الوزيرة اسم “العدالة في المواصلات”. كانت خطة واسعة النطاق تضمنت قائمة من 450 شارعًا، في حوالي 133 بلدة عربية، بتكلفة إجمالية قدرها 20 مليار شيكل (حوالي 40 مليون شيكل لكل طريق).

لكن منذ توليها المنصب، خفضت وزيرة المواصلات ميزانية هذه الخطة التي بادرت إليها هي نفسها من مليار شيكل سنوياً، في فترة الحكومة السابقة، إلى 300 مليون شيكل لعام 2025. معنى هذا التخفيض هو تجميد شبه كامل للخطة واختصارها لتنفيذ 6-7 مشاريع فقط سنوياً (لـ 133 بلدة بالمجمل). عدم تطوير الشوارع في البلدات العربية يؤثر بشكل مباشر على القدرة على توسيع خدمات المواصلات العامة، ودليل على ذلك هو حقيقة أن حوالي 30% من الميزانية المخصصة لذلك في الخطة الخمسية للمجتمع العربي (قرار 550) لم يتم استنفاذها . هكذا، تعرقل وزارة المواصلات عملياً إمكانية استفادة المستحقين للخصومات في المواصلات العامة من هذه الخصومات.

من أجل تحقيق عدالة حقيقية في المواصلات لا حاجة لخصومات وهمية، بل لإيجاد مناليّة حقيقية لخدمة المواصلات العامة – تحسين البنية التحتية للشوارع، إضافة خطوط وزيادة وتيرة عملها. كل هذه الأمور تتطلب أكثر من جولة علاقات عامة وتصريحات عن العدالة – تتطلب رؤية اجتماعية قائمة على العدالة التوزيعية التي تتيح المجال لتقليص الفجوات والتعامل الجدي مع العوائق التي تمنع تحقيق تغيير اجتماعي حقيقي كهذا في البلدات العربية.

* المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة موقع وصلة للاقتصاد والأعمال

مقالات مختارة