/
/
العفو الدولية تدعو الشركات والدول لوقف التواطؤ مع إسرائيل: “استمرار الاحتلال والإبادة غير ممكنَين لولا الدعم الاقتصادي”

العفو الدولية تدعو الشركات والدول لوقف التواطؤ مع إسرائيل: “استمرار الاحتلال والإبادة غير ممكنَين لولا الدعم الاقتصادي”

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
1024px Forced Displacement of Gaza Strip Residents During the Gaza Israel War 23 25
نازحين في غزة. عمليات الجيش الإسرائيلي هناك غير ممكن دون دعم الشركات العالمية. الصورة: ويكيميديا

دعت منظمة العفو الدولية الحكومات والمؤسسات العامة والخاصة والشركات حول العالم إلى التوقف عن أي نشاط يساهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في ترسيخ ما وصفته بـ”نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين” و”الإبادة الجماعية في غزة”. التقرير الذي صدر أمس الخميس، يقدم أدلة موثوقة على تورط 15 شركة إسرائيلية وأجنبية في دعم الانتهاكات الجسيمة التي تنفذها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، سواء عبر توفير الأسلحة أو تقنيات المراقبة أو البنى التحتية الحيوية.

الأمينة العامة للمنظمة، أنياس كالامار، قالت إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي منذ 57 عامًا لم يكن ليحدث لولا الدعم الاقتصادي والسياسي المتواصل من دول وشركات ومؤسسات أكاديمية. وأكدت أن الإبادة الجماعية في غزة على مدى 23 شهرًا ما كان يمكن أن تستمر لولا تدفق لا ينقطع للأسلحة ومعدات المراقبة والعلاقات التجارية التفضيلية التي منحت إسرائيل شرعية اقتصادية دولية. وشددت على أن “إدمان الشركات على الأرباح بأي ثمن هو ما يغذي هذه الجرائم”، مطالبة بإنهاء “الاقتصاد السياسي” الذي ترتكز عليه إسرائيل لاستمرار سياساتها القمعية.

الإجراءات الأخلاقة المطلوبة من الدول والشركات

التقرير يضع تفاصيل دقيقة حول سلسلة من الإجراءات المطلوبة من الدول والشركات. من أبرزها: حظر ومنع الشركات التي تساهم في الجرائم الإسرائيلية من العمل في أسواقها، إصدار تشريعات فعالة لسحب الاستثمارات ووقف المشتريات، وفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي توفر غطاءً للاحتلال. كما يحدد الخطوات التي ينبغي على الشركات نفسها اتخاذها، مثل تعليق المبيعات والعقود وسحب الاستثمارات من الأنشطة المرتبطة بالاحتلال.

وقد سمّى التقرير 15 شركة بعينها. من بينها “بوينغ” و”لوكهيد مارتن” الأميركيتان اللتان توفران ذخائر وقنابل وأجهزة توجيه ثبت استخدامها في غارات قتلت مدنيين فلسطينيين، بينهم أطفال. وأشار التقرير تحديدًا إلى استخدام قنابل GBU-39 صغيرة القطر وذخائر الهجوم المباشر المشترك من إنتاج بوينغ في سلسلة هجمات مدمرة على غزة. كذلك، أدرج التقرير شركات الأسلحة الإسرائيلية الكبرى: “إلبيت معرخوت”، و”رافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة”، و”صناعات الفضاء الإسرائيلية”، وهي شركات تزود الجيش الإسرائيلي سنويًا بمليارات الدولارات من الطائرات المسيّرة والذخائر الجوالة وأنظمة أمن الحدود.

كما شمل التقرير شركات في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي مثل “بالانتير تكنولوجيز” الأميركية، التي توفر برامج تحليل بيانات وأدوات ذكاء اصطناعي للجيش الإسرائيلي، وشركة “كورسايت” الإسرائيلية المتخصصة في تطوير برمجيات التعرف على الوجه التي تُستخدم في عمليات الجيش في غزة. وكذلك “هيكفيجن” الصينية، التي تزود إسرائيل بتقنيات مراقبة بالفيديو تساعد في تعزيز نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.

ولم يتوقف التقرير عند الأسلحة والتكنولوجيا. فقد اتهم شركة المياه الإسرائيلية “ميكوروت” بإدارة الموارد المائية في الضفة الغربية بطريقة تمييزية لصالح المستوطنات وحرمان الفلسطينيين من حقهم في المياه. كما أشار إلى دور شركة “CAF” الإسبانية في مشروع القطار الخفيف بالقدس، الذي يخدم التوسع الاستيطاني، وإلى مساهمة شركة “هيونداي” الكورية الجنوبية من خلال تزويد إسرائيل بمعدات ثقيلة وجرافات تُستخدم في عمليات الهدم غير المشروعة.

1024px Israeli airstrikes on the Gaza Strip on civilian homes during the Gaza War 23 25
قصف على مدينة غزة. أدانت المنظمة استخدام قنابل GBU-39 في سلسلة هجمات مدمرة على القطاع. الصورة: ويكيميديا

ردود الشركات

منظمة العفو الدولية قالت إنها تواصلت مع جميع الشركات المذكورة، لكن خمسًا فقط ردت. وكانت “إلبيت معرخوت” الوحيدة التي حاولت تفنيد الاتهامات، مؤكدة أنها تعمل وفق القانون وتتعامل مع “حكومة ذات سيادة ومعترف بها دوليًا وغير خاضعة للعقوبات”. إلا أن المنظمة شددت على أن هذه الحجج لا تعفي الشركات من مسؤولياتها القانونية بموجب القانون الدولي، محذرة من أن مديريها وأعضاء مجالس إدارتها قد يواجهون مسؤوليات مدنية أو حتى جنائية بتهمة التواطؤ أو المساعدة في ارتكاب جرائم حرب.

التقرير يربط دعوته بخطوات دولية سابقة. فقد أشار إلى الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو 2024، والتي أكدت أن احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية غير مشروع ويشكل انتهاكًا لحظر الفصل العنصري. كما استند إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من العام نفسه، الذي ألزم إسرائيل بإنهاء احتلالها خلال 12 شهرًا، ودعا الدول إلى اتخاذ تدابير ملموسة لمنع شركاتها ومواطنيها من دعم الاحتلال. هذه التدابير تشمل وقف استيراد منتجات المستوطنات، تعليق نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفرض عقوبات كحظر السفر وتجميد الأصول ضد المتورطين.

العفو الدولية طالبت أيضًا بفرض حظر شامل على تصدير أو عبور الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية إلى إسرائيل عبر الموانئ والمطارات والمجال الجوي للدول الأخرى. ودعت إلى وقف جميع أشكال التجارة والاستثمار مع الشركات المتورطة في جرائم إسرائيل، بما في ذلك تلك الواردة في تقارير الأمم المتحدة والمقررة الخاصة بحقوق الإنسان.

في جانب آخر، شددت كالامار على ضرورة تحرك المجتمع المدني والجماهير لتنظيم حملات ضغط على الحكومات والشركات، مؤكدة أن “الأرباح التي تجنى من موت الفلسطينيين لا يمكن أن تُقبل أخلاقيًا أو قانونيًا”. وأضافت أن على الدول أن تمنع هذه الشركات من المشاركة في المعارض التجارية أو الحصول على عقود ومنح بحثية، إلى أن تُثبت أنها لم تعد متورطة في الاحتلال والجرائم المرتبطة به.

صواريخ سبايك في جناح رافائيل في أحد معارض الأسلحة في باريس- المصدر: ويكيميديا
صواريخ سبايك في جناح رافائيل في أحد معارض الأسلحة في باريس- المصدر: ويكيميديا

التقرير يأتي متزامنًا مع تصاعد الأصوات الدولية ضد إسرائيل. فقد كانت أكثر من 80 منظمة غير حكومية، بينها أوكسفام ورابطة حقوق الإنسان، قد دعت قبل أيام إلى وقف التجارة مع المستوطنات. كما اتهمت لجنة تابعة للأمم المتحدة إسرائيل لأول مرة بارتكاب إبادة جماعية في غزة، في تقرير وصفته تل أبيب بأنه “منحاز ومضلل”.

هذا التراكم من التقارير والبيانات يشير إلى تحول في المزاج الدولي تجاه إسرائيل، حيث لم يعد الاحتلال مجرد قضية سياسية أو أمنية، بل تحول إلى ملف قانوني واقتصادي يمس شركات كبرى في العالم، ويضعها أمام احتمال مواجهة المساءلة الجنائية. وفي هذا السياق، يمثل تقرير العفو الدولية دعوة صريحة إلى إنهاء حالة الصمت والتواطؤ، وإلى محاسبة الجهات التي تربح على حساب معاناة الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة: نيوزيلندا: بلدية العاصمة تقاطع إسرائيل… وضغوطات قانونية على صندوق التقاعد الحكومي

مقالات مختارة