/
/
لماذا تراجعت السيولة في يد المواطنين إلى مستويات ما قبل كورونا؟ وما تأثير ذلك على الأسعار؟

لماذا تراجعت السيولة في يد المواطنين إلى مستويات ما قبل كورونا؟ وما تأثير ذلك على الأسعار؟

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
shekel
انخفضت كمية السيولة لدى المواطنين إلى 506 مليار شيكل

تشير المعطيات الاقتصادية الأخيرة إلى أن كمية الأموال السائلة “السيولة” المتاحة لدى المواطنين في البلاد عادت إلى ما كانت عليه قبل خمس سنوات، أي إلى مستويات بداية عام 2020، قبيل اندلاع أزمة كورونا. فقد بلغ حجم الأموال السائلة في يوليو 2025 نحو 506 مليارات شيكل فقط، بعد انخفاض سنوي يقارب 5%، وهو تراجع يُتوقع أن تكون له انعكاسات واسعة على الاستهلاك المحلي، ووتيرة ارتفاع الأسعار، وحركة رؤوس الأموال بين قنوات الاستثمار المختلفة.

ويشمل مفهوم “الأموال السائلة” النقد المباشر “الكاش”، أي الأوراق النقدية والعملات المعدنية، إضافة إلى الأموال المودعة في الحسابات الجارية، ويُعرف هذا المجموع باسم M1.

وفي بداية أزمة كورونا، كانت السيولة بيد المواطنين تقدر بأكثر من نصف تريليون شيكل. غير أن خطط المساعدات الحكومية في فترة الجائحة، التي ضخت نحو 150 مليار شيكل عبر منح للشركات والعمال في إجازات غير مدفوعة، رفعت حجم السيولة إلى مستوى قياسي وصل في مطلع 2022 إلى نحو 730 مليار شيكل.

وبحسب موقع داماركر، فقد أدى هذا التضخم في السيولة، سواءً في البلاد أو في دول أخرى أطلقت برامج دعم مشابهة، إلى انفجار موجة تضخمية رفعت أسعار المنتجات داخل إسرائيل وخارجها، ثم بدأت بالانحسار مع انتهاء برامج الدعم، واستمرّت في هذا التراجع مع الارتفاعات المتكررة في أسعار الفائدة. وما يميز الحالة الإسرائيلية، بحسب داماركر، أن مستوى السيولة عاد فعلًا إلى مستويات ما قبل كورونا، بينما في دول أخرى بقي أعلى بكثير من ذلك.

shekel atm e1738673509395
يشمل مفهوم السيولة (M1) أيضًا أموال الحسابات الجارية

الحرب على غزة قلبت الاتجاه مؤقتًا، إذ ارتفع حجم السيولة بسبب المنح التي وُزعت على العائلات التي أخلت منازلها والدفعات الممنوحة لجنود الاحتياط. لكن منذ منتصف 2024 عاد المسار للانخفاض بوتيرة متسارعة، لتسجل السيولة أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات.

هذا التحول يعكس، وفق محللين تحدثوا إلى موقع داماركر، أن المواطنين بدأوا يحوّلون أموالهم إلى قنوات أقل سيولة لكنها أكثر جدوى من حيث العائد، مثل برامج التوفير القصيرة والطويلة الأجل وأدوات الادخار والتوفير الأخرى، ما انعكس على ارتفاع المجموع النقدي الواسع المعروف بمصطلح M3، والذي يشمل إلى جانب M1 برامج التوفير واستثمارات إضافية. وقد ارتفع هذا المؤشر إلى 2.1 تريليون شيكل في يونيو 2025، مقارنة بنحو 1.3 تريليون شيكل في مطلع 2020.

الانخفاض في السيولة بيد المواطنين له دلالات متعددة بحسب ذاماركر. فمن جهة، قد يؤدي إلى انخفاض في الاستهلاك المباشر وبالتالي إلى تباطؤ في وتيرة ارتفاع الأسعار. ومن جهة أخرى، قد يشير إلى أن الأموال توجهت نحو قنوات ادخارية أخرى، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على أسواق الأسهم والسندات. ورغم أن بنك إسرائيل لم يعد يعتمد حجم السيولة كمؤشر مباشر لرسم السياسة النقدية، فإن خبراء الاقتصاد في السوق يواصلون متابعة هذا المتغير كعنصر قد يكشف على المدى القصير عن نوايا المستهلكين وسلوكهم الشرائي.

سياسة بنك إسرائيل النقدية تركز حاليًا على استهداف التضخم والحفاظ عليه في حدود 1% إلى 3% سنويًا. ووفق التوقعات، فإن الارتفاع المرتقب في مؤشر أسعار المستهلك لشهر أغسطس بنسبة 0.6% مقارنة بيوليو، سيؤدي إلى خفض معدل التضخم السنوي إلى نحو 2.8%. هذه النتيجة قد تمنح بنك إسرائيل دافعًا للتفكير في خفض إضافي لسعر الفائدة، مع العلم أن القرار القادم بشأن الفائدة سيُتخذ في نهاية سبتمبر.

مقالات ذات صلة: تحت البلاطة أم في البنك: أين يضع العرب أموالهم عند التوفير؟

مقالات مختارة