
بحسب تقرير نشرته صحيفة غلوبس الاقتصادية، يعيش سوق السيارات في البلاد مرحلة حساسة مع اقتراب نهاية عام 2025، حيث يعرض المستوردون خصومات غير مسبوقة تصل إلى 30 ألف شيكل في محاولة لتصريف المخزون الكبير قبل بداية العام الجديد. ومع أن هذا الوقت من السنة يُعتبر تقليديًا فترة تردد لدى الزبائن — بين من يرغب بشراء سيارة الآن ومن يفضّل الانتظار للحصول على “سنة ترخيص جديدة” — فإن الظروف الحالية مختلفة جذريًا عن الأعوام السابقة، إذ يشهد السوق مزيجًا من فائض في المعروض، وتراجع في المبيعات، وغموض تنظيمي حول الضرائب التي ستُفرض في عام 2026.
وفق التقرير، أدّت التوقعات المفرطة للمستوردين إلى تخزين كميات كبيرة من السيارات الجديدة، بينما تراجع الطلب فعليًا بسبب تأثير الحرب في الجبهات المختلفة، واشتداد المنافسة بين العلامات التجارية، خصوصًا من الشركات الصينية التي أطلقت حرب أسعار في الفئة المتوسطة من السوق. كما أدّى دخول أنواع جديدة مثل السيارات الهجينة القابلة للشحن (Plug-in) إلى تغيير أنماط الشراء لدى المستهلكين، بينما لم يحدّد المنظمون بعد سياسة ضريبية واضحة للعام المقبل، وهو ما يزيد حالة عدم اليقين.
النتيجة، بحسب غلوبس، هي تراكم كميات كبيرة من سيارات “صفر كيلومتر” (سيارات جديدة لم تُسجّل بعد على اسم زبون حقيقي) لدى شركات التأجير والمستوردين. وتشير التقديرات إلى أن نحو 20% من أصل 150 ألف سيارة أُفرج عنها من الجمارك في الربع الأخير من عام 2024 لا تزال بلا مشترٍ. هذه السيارات تُعرض اليوم بأسعار مخفضة وبخصومات تتراوح بين 15% و20% من السعر الرسمي، وهي تخفيضات غير مسبوقة. حتى مع خصم انخفاض القيمة بنسبة 7%–9% نتيجة التسجيل كرخصة “يد ثانية”، تبقى الأسعار مغرية.
كذلك، تتوفر السيارات هذه فورًا بنظام “ادفع واستلم فورًا دون انتظار”، ما يجعلها خيارًا مناسبًا لمن يبحث عن شراء سريع. أما السيارات الجديدة تمامًا، فهي أيضًا تُعرض بخصومات تتراوح بين 7% و12%، خصوصًا لدى الماركات التي تواجه ضغطًا تنافسيًا أو يجتاج وكلائها إلى سيولة مالية قبل نهاية السنة. ومع أن هذه العروض أقل من تلك المقدمة على سيارات “صفر كيلومتر”، إلا أنها تمنح المشتري سيارة تُسجل كـ”يد أولى” خاصة به، لا باسم الوكيل أولًا كما في سيارات “صفر كيلو متر”، وهو عامل نفسي وتجاري مهم عند إعادة البيع.
في المقابل، حذّر التقرير من أن أسعار السيارات المستعملة في البلاد مرشحة للانخفاض الحاد في 2026. وحتى الآن لم تعكس لوائح الأسعار هذا الاتجاه بشكل كامل، ما خلق انطباعًا زائفًا بأن سوق السيارات المستعملة مستقر. لكن الواقع مختلف، إذ باتت بعض السيارات “صفر كيلومتر” أرخص من سيارات مستعملة عمرها عام أو عامان. ومع دخول الطرازات الصينية الجديدة والرخيصة إلى السوق بأسعار بين 100 و140 ألف شيكل، يُتوقع أن يتراجع الطلب على المستعمل تدريجيًا، ما يؤدي إلى تراجع الأسعار بشكل حاد، خصوصًا في فئة السيارات الكهربائية المستعملة التي تشهد بالفعل هبوطًا في قيمتها. لذلك، ينصح التقرير من يفكر ببيع سيارته المستعملة لتمويل سيارة جديدة بأن يسارع إلى البيع قبل بداية 2026.

أما من ينتظر لمعرفة ما إذا كانت الضرائب سترتفع في العام المقبل، فتشير غلوبس إلى أن الصورة ما زالت ضبابية. تاريخيًا، اعتادت الحكومة رفع ضرائب السيارات في بداية كل عام، كما حدث في مطلع 2025، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار تدريجيًا. لكن لعام 2026، ورغم التوقعات بزيادة ضريبة الشراء على السيارات الكهربائية وتقليص إضافي في الامتيازات “الخضراء”، يبدو أن هذه التغييرات — إن حصلت — ستكون محدودة جدًا. السبب هو أن العام المقبل عام انتخابات، والحكومة تتجنّب قرارات غير شعبية كرفع الضرائب قبل التصويت.
في المقابل، هناك من يفضّل الانتظار لعام 2026 لاعتقاده أن المنافسة ستشتد أكثر، خصوصًا مع استمرار تدفق الماركات الصينية الجديدة التي تقدم سيارات كهربائية متطورة وبأسعار منخفضة. ويسهم كذلك انخفاض أسعار البطاريات عالميًا يسهم في خفض الأسعار النهائية للسيارات القادمة من الصين، ما قد يجعل العام المقبل فرصة للحصول على طرازات أحدث وأرخص.
عامل آخر مشجع على الانتظار هو قوة الشيكل، إذ ارتفع سعره بشكل غير متوقع ليصبح من بين الأقوى في العالم. الدولار تراجع بنحو 14% مقابل الشيكل مقارنة بالعام الماضي، واليورو بنحو 9%. هذا يمنح المستوردين قدرة أكبر على امتصاص أي زيادة محتملة في تكاليف الإنتاج أو الضرائب دون رفع الأسعار، وربما حتى خفضها قليلًا للحفاظ على تنافسيتهم.
كما أشار التقرير إلى أن عام 2026 قد يشهد بداية إصلاحات تنظيمية لتعزيز المنافسة في قطاع السيارات، وفق ما أعلنت وزارة المواصلات ولجنة الاقتصاد في الكنيست. الهدف هو فتح المجال أمام مزيد من المستوردين الصغار والموزعين المستقلين، الأمر الذي يُفترض أن يخفض الأسعار. لكن غلوبس شكّكت في إمكانية أن تؤدي هذه الخطوات إلى انخفاض حقيقي، لأن السوق الإسرائيلي بات مشبعًا أصلًا، إذ يضم نحو 70 علامة تجارية ومئات المستوردين غير المباشرين.
في النهاية، يرى التقرير أن الاختيار بين الشراء الآن أو الانتظار للعام المقبل يعتمد على احتياجات كل زبون. من يحتاج سيارة فورًا سيجد فرصًا مغرية بخصومات كبيرة ونقل ملكية فوري، بينما من يمكنه الانتظار قد يستفيد من دخول طرازات أحدث بأسعار أقل.
مقالات ذات صلة: أنقرة أم تل أبيب: من الأكثر تضررًا من المقاطعة التركية لإسرائيل؟











