
تواجه إسرائيل تصعيدًا متزايدًا في القيود الدولية المفروضة على وارداتها من المنتجات ذات الاستخدام المزدوج (المدني والعسكري)، وسط تعزيزات رقابية من قِبل دول أوروبية كبرى، في مقدمتها بلجيكا وهولندا، ضمن إطار اتفاقية واسنار التي تُعنى بمراقبة الصادرات من الأسلحة والمواد التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية أو مدنية.
إسرائيل، التي تفتقر إلى الاكتفاء الذاتي في العديد من الصناعات الدفاعية، تعتمد بشكل كبير على استيراد مكونات أساسية لتجهيز أنظمتها العسكرية، بدءًا من الطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي، وصولًا إلى مكونات الدبابات. لكن خلال الحرب الجارية على قطاع غزة، بدأت دول عديدة في تضييق الخناق على تصدير هذه المكوّنات.
بحسب موقع غلوبس، فإنّ اتفاقية واسنار، التي تضم 42 دولة من بينها الولايات المتحدة، كندا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، أستراليا، الهند، إسبانيا واليونان، أصبحت اليوم أداة ضغط مباشرة على سلاسل الإمداد الإسرائيلية، حيث تتيح الاتفاقية الرقابة على الصادرات التي تتم عبر موانئ هذه الدول، للتأكد من أن المواد المُصدّرة لا تُستخدم في انتهاكات حقوق الإنسان، أو في تطوير أسلحة دمار شامل.
من أبرز المواد التي أدرجت مؤخرًا تحت الرقابة المشددة: معادن نادرة تُستخدم في الصناعات الجوية والبحرية، ومكونات حساسة قد تدخل في تصنيع المتفجرات أو الأنظمة التكنولوجية المعقدة. ووفقًا لموقع غلوبس، أصبح من الشائع أن تقوم سلطات الجمارك في مطارات وموانئ دول أوروبا الغربية باحتجاز شحنات متجهة إلى إسرائيل للاشتباه في وجهتها العسكرية، ما يعطل كامل الشحنة حتى وإن كانت هذه الشحنة تحوي أيضًا بضائع مدنية موجهة لشركات وتجار إسرائيليين.
بلجيكا وهولندا اتخذتا مؤخرًا خطوات حاسمة. بلجيكا، على وجه الخصوص، أبلغت جميع شركات الشحن بأنها لن تسمح بمرور أي شحنة عسكرية إلى إسرائيل عبر موانئها دون تصريح جمركي خاص. هذا القرار يأتي في أعقاب حكم صادر عن محكمة بلجيكية يحظر مرور الأسلحة إلى إسرائيل عبر ميناء أنتويرب، وهو ثاني أكثر الموانئ ازدحامًا في أوروبا، ويهدد بفرض غرامة قدرها 50 ألف يورو على أي شركة تخالف هذا القرار.
أما هولندا، فقد فرضت منذ أبريل الماضي اشتراطات خاصة للحصول على تراخيص مسبقة لتصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، ما يجعل احتمالية الموافقة على هذه الشحنات ضئيلة للغاية. ومجتمعتين، تُعد بلجيكا وهولندا مسؤولتين عن أكبر حجم شحن بحري في أوروبا، ما يضاعف من التأثير المحتمل على القدرات اللوجستية الإسرائيلية.
في ظل هذه القيود، بدأت الحكومة الإسرائيلية وشركات الأسلحة في البحث عن مسارات بديلة عبر موانئ ليست جزءًا من اتفاقية واسنار. لكن هذا التوجه يواجه تحديات إضافية، خاصة مع تعطل الملاحة في البحر الأحمر نتيجة لهجمات الحوثيين، ما يطيل زمن الشحن من آسيا إلى أوروبا بنحو أسبوعين.
من زاوية فلسطينية، يبدو أن هذه القيود الدولية تمثل تحولًا مهمًا في الموقف الدولي، إذ تتزايد الدعوات لمحاسبة إسرائيل على استخدام التكنولوجيا العسكرية في قصف المدنيين وتدمير البنية التحتية في غزة. تكثيف الرقابة الدولية لا يأتي فقط لحماية التجارة من الانزلاق في النزاعات، بل أيضًا كخطوة أخلاقية من بعض الدول الأوروبية التي بدأت تراجع علاقاتها التسليحية مع إسرائيل وسط انتقادات واسعة لسلوكها في الحرب المستمرة.
مقالات ذات صلة: الموانئ الأوروبية مغلقة في وجه إسرائيل: بلجيكيا تنضم إلى هولندا وإسبانيا في حظر شحنات الأسلحة











